للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأجارت أم هانىء حموين لها، فقال النبى- صلى الله عليه وسلم-: «قد أجرنا من أجرت يا أم هانىء» «١» ، والرجلان: الحارث بن هشام، وزهير بن أمية بن المغيرة، كما قاله ابن هشام، وقد كان أخوها على بن أبى طالب أراد أن يقتلهما فأغلقت عليهما باب بيتها وذهبت إلى النبى- صلى الله عليه وسلم-.

ولما كان الغد من يوم الفتح قام- صلى الله عليه وسلم- خطيبا فى الناس، فحمد الله وأثنى عليه ومجده بما هو أهله ثم قال: «أيها الناس، إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض، فهى حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، فلا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما، أو يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص فيها لقتال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقولوا: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أحلت لى ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليبلغ الشاهد الغائب» «٢» .

ثم قال: «يا معشر قريش ما ترون أنى فاعل بكم؟» . قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم. قال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء» ، أى: الذين أطلقوا، فلم يسترقوا ولم يؤسروا. والطليق: الأسير إذا أطلق. والمراد بالساعة التى أحلت له- عليه السّلام- ما بين أول النهار ودخول وقت العصر، كذا قاله فى فتح البارى.

ولقد أجاد العلامة أبو محمد الشقراطسى حيث يقول فى قصيدته المشهورة:

ويوم مكة إذ أشرفت فى أمم ... تضيق عنها فجاج الوعث والسهل

خوافق ضاق ذرع الخافقين بها ... فى قاتم من عجاج الخيل والإبل

وجحفل قذف الأرجاء ذى لجب ... عرمرم كزهاء الليل منسحل


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٥٧) فى الصلاة، باب: الصلاة فى الثوب الواحد ملتحفا به، ومسلم (٣٣٦) فى صلاة المسافرين، باب: استحباب صلاة الضحى، من حديث أم هانىء- رضى الله عنها-.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (١٠٤) فى العلم، باب: ليبلغ العلم الشاهد الغائب، ومسلم (١٣٥٤) فى الحج، باب: تحريم مكة، من حديث أبى شريح- رضى الله عنه-.