ولا تنمحى الآيات من دار حرمه ... بها منبر الهادى الذى كان يصعد
وأوضح آيات وباقى معالم ... وربع له فيه مصلى ومسجد
بها حجرات كان ينزل وسطها ... من الله نور يستضاء ويوقد
معارف لم تطمس على العهد آيها ... أتاها البلى فالآى منها تجدد
عرفت بها رسم الرسول وعهده ... وقبرا بها واراه فى الترب ملحد
أطالت وقوفا تذرف العين دمعها ... على طلل القبر الذى فيه أحمد
فبوركت يا قبر الرسول وبوركت ... بلاد ثوى فيها الرشيد المسدد
وبورك لحد منك ضمن طيبا ... عليه بناء من صفيح منضد
تهيل عليه الترب أيد وأعين ... تباكت وقد غارت بذلك أسعد
لقد غيبوا حلما وعلما ورحمة ... عشية عالوه الثرى لا يوسد
وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم ... وقد وهنت منهم ظهور وأعضد
يبكون من تبكى السماوات موته ... ومن قد بكته الأرض والناس وأكمد
وهل عدلت يوما رزية هالك ... رزية يوم مات فيه محمد
ولما تحقق عمر بن الخطاب- رضى الله عنه- موته- صلى الله عليه وسلم- بقول أبى بكر، ورجع إلى قوله، قال وهو يبكى: بأبى أنت وأمى يا رسول الله، لقد كان لك جذع تخطب الناس عليه، فلما كثروا اتخذت منبرا لتسمعهم، فحن الجذع لفراقك، حتى جعلت يدك عليه فسكن، فأمتك أولى بالحنين عليك حين فارقتهم، بأبى أنت وأمى يا رسول الله، لقد بلغ من فضيلتك عند ربك أن جعل طاعتك طاعته، فقال: من يطع الرسول فقد أطاع الله، بأبى أنت وأمى يا رسول الله، لقد بلغ من فضيلتك عنده أن بعثك آخر الأنبياء وذكرك فى أولهم، فقال تعالى: وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ «١» الآية، بأبى أنت وأمى يا رسول الله، لقد بلغ من فضيلتك عنده، أن أهل النار يودون أن يكونوا أطاعوك وهم فى أطباقها يعذبون، يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول. الخبر ذكره أبو العباس القصار فى شرحه لبردة الأبوصيرى،