للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر فتلقاها الناس منه كلهم، فما أسمع بشرا من الناس إلا يتلوها «١» .

وفى حديث ابن عمر عند ابن أبى شيبة أن أبا بكر مر بعمر وهو يقول:

ما مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولا يموت حتى يقتل الله المنافقين. قال:

وكانوا أظهروا الاستبشار ورفعوا رؤسهم، فقال: أيها الرجل، إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد مات: ألم تسمع الله تعالى يقول: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ «٢» وقال: وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ «٣» ثم أتى المنبر. الحديث.

قال القرطبى أبو عبد الله المفسر: وفى هذا أدل دليل على شجاعة الصديق، فإن الشجاعة حدها: ثبوت القلب عند حلول المصائب، ولا مصيبة أعظم من موت النبى- صلى الله عليه وسلم-. فظهر عنده شجاعته وعلمه. قال الناس: لم يمت رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، واضطرب الأمر فكشفه الصديق بهذه الآية، فرجع عمر عن مقالته التى قالها.

كما ذكر الوائلى أبو نصر عبد الله فى كتاب «الإنابة» عن أنس بن مالك أنه سمع عمر بن الخطاب- رضى الله عنه- فى مسجد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- واستوى على منبره- صلى الله عليه وسلم-، تشهد ثم قال: أما بعد، فإنى قلت لكم أمس مقالة وإنها لم تكن كما قلت، وإنى والله ما وجدت المقالة التى قلت لكم فى كتاب الله، ولا فى عهد عهده رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولكنى كنت أرجو أن يعيش رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى يدبرنا- أى يكون آخرنا موتا، أو كما قال- فاختار الله عز وجل لرسوله الذى عنده على الذى عندكم، وهذا الكتاب الذى هدى الله به رسوله فخذوا به تهتدوا لما هدى له رسوله- صلى الله عليه وسلم-.

قال أبو نصر: المقالة التى قالها ثم رجع عنها: هى أن النبى- صلى الله عليه وسلم- لم يمت ولن يموت حتى يقطع أيدى وأرجل، وكان ذلك لعظيم ما ورد عليه


(١) تقدم.
(٢) سورة الزمر: ٣٠.
(٣) سورة الأنبياء: ٣٤.