للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرغبة إليه، ولا يمتنع تكرير الطلب مع تحقيق الإجابة، لأن فى ذلك تحصيل الحسنات، ورفع الدرجات، وفيه تحريض لأمته على ملازمة ذلك، لأنه إذا كانت مع تحقق المغفرة لا يترك التضرع، فمن لم يتحقق ذلك أحرى بالملازمة.

وأما الاستعاذة من فتنة الدجال، مع تحققه أنه لا يدركه فلا إشكال فيه على الوجهين الأولين، وقيل على الثالث: يحتمل أن يكون ذلك قبل أن يتحقق عدم إدراكه ويدل عليه قوله فى الحديث الآخر عند مسلم: «إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه» «١» ، الحديث، والله أعلم.

وعن ابن عباس: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقول بعد التشهد: «اللهم إنى أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة الدجال الأعور، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات» «٢» . رواه أبو داود.

وعن على بن أبى طالب: أن النبى- صلى الله عليه وسلم- كان يقول ما بين التشهد والتسليم: «اللهم اغفر لى ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت، وما أنت أعلم به منى، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت» «٣» .

رواه مسلم وغيره. وفى رواية له: وإذا سلم قال: «اللهم اغفر لى ما قدمت» ... إلخ.

ويجمع بينهما: بحمل الرواية الثانية على إرادة السلام، لأن مخرج الطريقين واحد. وأورده ابن حبان بلفظ: كان إذا فرغ من الصلاة وسلم، وهذا ظاهر فى أنه بعد السلام، ويحتمل أنه كان يقول ذلك قبل السلام وبعده، وسيأتى الجواب عما استشكل فى دعائه- صلى الله عليه وسلم- بهذا الدعاء فى أدعيته- صلى الله عليه وسلم- إن شاء الله تعالى-.

وحاصل ما ثبت عنه- صلى الله عليه وسلم- من المواضع التى كان يدعو بها فى داخل صلاته ستة مواطن:


(١) صحيح: وهو جزء من حديث طويل أخرجه مسلم (٢٩٣٧) فى الفتن وأشراط الساعة، باب: ذكر الدجال وصفة ما معه، من حديث النواس بن سمعان- رضى الله عنه-.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٥٩٠) فى المساجد، باب: ما يستعاذ منه فى الصلاة.
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٧٧١) فى صلاة المسافرين، باب: الدعاء فى صلاة الليل وقيامه.