وهى عائشة ومن معها، ومنهم من قال: بعينى رأسه رأى وصدق. فكل أخبر بما حدثه- صلى الله عليه وسلم- من مقامه وسقاه من كأسه وما يليق به، فإذا صح هذا المعراج عرفت الأمر، ومقامات الرؤية والقائلين بذلك وقولهم الجميع الحق انتهى.
وممن أثبت الرؤية لنبينا- صلى الله عليه وسلم- الإمام أحمد. فروى الخلال فى «كتاب السنن» عن المروزى: قلت لأحمد: إنهم يقولون إن عائشة قالت: من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية، فبأى معنى يدفع قولها؟ قال:
بقول النبى- صلى الله عليه وسلم-: «رأيت ربى» فقول النبى أكبر من قولها.
وقد أنكر صاحب «الهدى» على من زعم أن أحمد قال: رأى ربه بعينى رأسه. قال: وإنما قال مرة: رأى محمد ربه، وقال مرة: بفؤاده. وحكى عن بعض المتأخرين: رأى بعينى رأسه. وهذا من تصرف الحاكى، فإن نصوصه موجودة انتهى.
وقد رجح القرطبى فى «المفهم» قول الوقف فى هذه المسألة، وعزاه لجماعة من المحققين، وقواه: بأنه ليس فى الباب دليل قاطع، وغاية ما استدل به الطائفتان ظواهر متعارضة، قابلة للتأويل. قال: وليست المسألة من العمليات فيكتفى فيها بالأدلة الظنية، وإنما هى من المعتقدات فلا يكتفى فيها إلا بالدليل القطعى. والله أعلم.
وأما قوله فى الحديث:«ثم فرضت على الصلاة خمسين صلاة فى كل يوم» . ففى رواية ثابت البنانى عن أنس عند مسلم (ففرض الله على خمسين صلاة فى كل يوم وليلة)«١» . ونحوه فى رواية مالك بن صعصعة عند البخارى أيضا. ويحتمل أن يقال: ذكر الفرض عليه يستلزم الفرض على الأمة، وبالعكس، إلا ما استثنى من خصائصه.
وفى حديث ثابت عن أنس عند مسلم (فنزلت إلى موسى، فقال: ما
(١) صحيح: أخرجه مسلم (١٦٣) فى الإيمان، باب: الإسراء برسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى السماوات وفرض الصلوات.