للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والهدى، وأقسم بكلامه القديم على ذلك فى الذكر الحكيم فقال: يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «١» فإذا كان يوم المعاد أقامه على الصراط، فيسأل السلامة لأتباعه وأهل سنته، حتى يجوزوا إلى جنات النعيم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

ثم إن ما ذكر هنا من القرب والدنو، المراد به تأكيد المحبة والقربة، ورفع المنزلة والرتبة، قال جعفر الصادق: لما قرب الحبيب من الحبيب غاية القرب، نالته غاية الهيبة، فلاطفه الحق تعالى بغاية اللطف، وذلك قوله جل جلاله: فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى

«٢» أى كان ما كان وجرى ما جرى، وقال الحبيب للحبيب ما يقول الحبيب للحبيب: وألطف به إلطاف الحبيب بالحبيب، فخفى السر ولم يطلع عليه أحد، ما أوحى إلا الذى أوحى.

وقال غيره فى قوله: فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى

«٣» أبهمه لعظمه، فإن الإبهام قد يقع للتعظيم، فهو مبهم لا يطلع عليه بل يتعبد بالإيمان به.

وقيل: بل هو مفسر بالأخبار الواردة، قال سعيد بن جبير: أوحى الله تعالى إليه- صلى الله عليه وسلم-، ألم أجدك يتيما فاويتك، ألم أجدك ضالا فهديتك، ألم أجدك عائلا فأغنيتك، أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ «٤» . وقيل: أوحى الله إليه أن الجنة حرام على الأنبياء حتى تدخلها يا محمد، وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك.

ذكره الثعلبى والقشيرى. وقيل: أوحى الله إليه: خصصتك بحوض الكوثر، فكل أهل الجنة أضيافك بالماء، ولهم الخمر واللبن والعسل. ذكره القشيرى.

وذكر أيضا: أنه أوحى إليه ما أوحى إلى الرسل لقوله تعالى: ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ «٥» . وقيل: أوحى إليه الصلوات الخمس.


(١) سورة يس: ١- ٤.
(٢) سورة النجم: ١٠.
(٣) سورة النجم: ١٠.
(٤) سورة الشرح: ١- ٤.
(٥) سورة فصلت: ٤٣.