للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى حديث أبى سعيد وابن عباس (فغشيها الملائكة) . وفى حديث على (وعلى كل ورقة منها ملك) . وفى رواية ثابت عن أنس عند مسلم (فلما غشيها من أمر الله ما غشى تغيرت، فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها) «١» . وفى رواية حميد عن أنس عند ابن مردويه: نحوه لكن قال:

تحولت ياقوتا، ونحو ذلك.

قال ابن دحية: واختيرت السدرة دون غيرها لأن فيها ثلاثة أوصاف:

ظل مديد وطعم لذيذ، ورائحة زكية، فكانت بمنزلة الإيمان الذى يجمع القول والعمل والنية، فالظل بمنزلة العمل، والطعم بمنزلة النية، والرائحة بمنزلة القول.

وقال العارف ابن أبى جمرة: وهل الشجرة مغروسة فى شىء أم لا؟

يحتمل الوجهين معا، لأن القدرة صالحة لكليهما. فكما جعل الله فى هذه الدار الأرض مقرا للشجر، كذلك يجعل الهواء لتلك مقرا، وكما رجع- صلى الله عليه وسلم- يمشى فى الهواء كما كان يمشى فى الأرض، ولأن بالقدرة استقرت الأرض مع أنها على الماء، فلا مانع من أن تكون الشجرة فى الهواء، ويحتمل أن تكون مغروسة بأرض، وأن تكون من تراب الجنة، والله قادر على ما يشاء.

وأما قوله- صلى الله عليه وسلم- فى الحديث: (ثم أتيت بإناء من خمر، وإناء من لبن، وإناء من عسل، فأخذت اللبن، فقال: «هى الفطرة التى أتت عليها» .

فيدل على أنه عرض عليه الآنية مرتين، مرة ببيت المقدس، ومرة عند وصوله سدرة المنتهى ورؤية الأنهار الأربعة.

وأما الاختلاف فى عدد الآنية وما فيها، فيحمل على أن بعض الرواة ذكر ما لم يذكره الآخر، ومجموعها أربعة أوان، فيها أربعة أشياء من الأنهار الأربعة التى رآها تخرج من أصل سدرة المنتهى.


(١) صحيح: وقد تقدم.