للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العشاء، وإنما يتأتى على قول من قال: إنه صلى بهم قبل عروجه إلى السماء، وأما على قول من قال: إنه صلى بهم بعد العروج فتكون الصبح.

قال ابن كثير: ومن الناس من يزعم أنه أمهم فى السماء، والذى تظاهرت به الروايات أنه ببيت المقدس، والظاهر أنه بعد رجوعه إليه، لأنه لما مرّ بهم فى منازلهم جعل يسأل جبريل عنهم واحدا واحدا، وهو يخبره بهم، ثم قال: وهذا هو اللائق، لأنه أولا كان مطلوبا إلى الجناب العلوى، ليفرض الله عليه وعلى أمته ما يشاء، ثم لما فرغ مما أريد به اجتمع هو وإخوانه من النبيين، ثم أظهر شرفه عليهم بتقديمه فى الإمامة.

وفى رواية ابن إسحاق: أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: لما فرغت مما كان فى بيت المقدس، أتى بالمعراج ولم أر قط شيئا أحسن منه، وهو الذى يمد إليه الميت عينيه إذا احتضر، فأصعدنى صاحبى فيه حتى انتهى إلى باب من أبواب السماء. وفى رواية كعب: فوضعت له مرقاة من فضة ومرقاة من ذهب حتى عرج هو وجبريل. وفى «شرف المصطفى» أنه أتى بالمعراج من جنة الفردوس، وأنه منضد عن يمينه ملائكة، وعن يساره ملائكة. وفى رواية أبى سعيد- عند البيهقى- ثم أتيت بالمعراج الذى تعرج عليه أرواح بنى آدم، فلم ير الخلائق أحسن من المعراج، أما رأيت الميت حين يشق بصره طامحا إلى السماء، فإن ذلك عجبه بالمعراج.

وقد تقدم فى حديث البخارى بالسابق، فانطلق بى جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح، قيل من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال:

محمد، قيل: وقد أرسل إليه قال: نعم. ولم يقل جبريل- عليه السّلام-: أنا، حيث قيل له: من هذا؟ إنما سمى نفسه فقال: جبريل، لأن لفظ «أنا» فيه إشعار بالعظمة. وفى الكلام السائر: أول من قال «أنا» إبليس، فشقى، وأيضا فقوله «أنا» مبهمة لافتقار الضمير إلى العود، فهى غير كافية فى البيان. وعلى هذا فينبغى للمستأذن إذا قيل له من أنت؟ أن لا يقول: «أنا» ، بل يقول:

فلان.