للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد وقع فى غير هذه الرواية بيان ما رآه فى ليلة الإسراء، فمن ذلك:

ما وقع فى حديث شداد بن أوس- عند البزار والطبرانى، وصححه البيهقى فى الدلائل- أنه أول ما أسرى به مرّ بأرض ذات نخل، فقال له جبريل: انزل فصل، فصلى، فقال: صليت بيثرب، ثم مر بأرض بيضاء فقال: انزل فصل، فصلى، فقال: صليت بمدين، ثم مر ببيت لحم فقال:

انزل فصل، فنزل فصلى، فقال صليت حيث ولد عيسى «١» .

وفى حديث أنس عند البيهقى فى الدلائل «٢» : لما جاء جبريل بالبراق إليه- صلى الله عليه وسلم- فكأنها أصرت أذنيها، فقال لها جبريل: مه يا براق، فو الله ما ركبك مثله، فسار رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فإذا هو بعجوز على جنب الطريق، فقال: «ما هذا يا جبريل؟» قال: سر يا محمد، فسار ما شاء الله أن يسير، فإذا هو بشيخ يدعوه متنحيا عن الطريق يقول: هلم يا محمد، فقال له جبريل: سر، وأنه مرّ بجماعة فسلموا عليه فقالوا: السلام عليك يا أول، السلام عليك يا آخر، السلام عليك يا حاشر، فقال له جبريل: اردد عليهم السلام، فرد، الحديث. وفى آخره فقال له جبريل: أما العجوز التى رأيت على جانب الطريق فلم يبق من الدنيا إلا ما بقى من عمر تلك العجوز، والذى دعاك إبليس، والعجوز الدنيا، أما لو أجبتهما لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة، وأما الذين سلموا عليك فإبراهيم وموسى وعيسى- عليهم الصلاة والسلام-، قال الحافظ عماد الدين ابن كثير: فى ألفاظه نكارة وغرابة.

وفى حديث: أنه مر بموسى- عليه السّلام-، وهو يصلى فى قبره «٣» . قال أنس: ذكر كلمة فقال: أشهد أنك رسول الله. ولا مانع أن الأنبياء- عليهم السلام- يصلون فى قبورهم لأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، فهم يتعبدون بما يجدون من دواعى أنفسهم، لا بما يلزمون به، كما يلهم أهل الجنة الذكر.

وستأتى الإشارة إليه فى حجة الوداع- إن شاء الله تعالى-.


(١) أخرجه الطبرانى فى الكبير (٧/ ٣٣٩) ، والبيهقى فى «دلائل النبوة» (٢/ ٣٥٥) .
(٢) (٢/ ٣٦٢) .
(٣) صحيح: وقد تقدم قريبا.