للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سباهم وأسكن الثالثة بالشام، وتركهم وذهب لبلاده ظافرا، وهذه هي الواقعة الأولى التي حذر الله بني إسرائيل منها. قالوا ولما وصل بختنصر بمن معه بابل وأقام في سلطانه ما شاء الله أن يقوم، رأى رؤيا عجيبة، وهي أنه رأى شيئا أصابه فأنساه الذي رأى، فدعا دانيال وجنايا وعزاريا وميشائيل من ذراري أنبياء بني إسرائيل الذين هم في جملة السبايا، وسألهم تأويل رؤياه، فقالوا أخبرنا بها نخبرك بتأويلها، فقال لهم ما اذكرها لأني رأيت شيئا أنسانيها وكذلك نسيت الشيء الذي رأيته، فأنسانيها، ولم يبق شيء بفكري أبدا لا من الرؤيا ولا من الذي أنسانيها لشدة هول ما رأيت، ولئن لم تخبروني بتأويلها وبالذي أنسانيها لا نتزعن أكتافكم، فاستمهلوه وخرجوا من عنده فدعوا لله وتضرعوا إليه، فأوحى الله إليهم بها وبالذي أنساها له، فجاؤا إليه فقالوا له رأيت تمثالا قدماه وساقاه من فخار، وركبتاه وفخذاه من نحلس وبطنه من فضة، وصدره من ذهب، ورأسه وعنقه من حديد، قال صدقتم قالوا وبينما أنت تنظر إليه وقد أعجبك أرسل الله صخرة من السماء فدقته، فهي التي أنستك ذلك، قال صدقتم فما تأويلها؟ قالوا إنك رأيت الملوك بعضهم كان ألين من بعض ملكا، وبعضهم كان أشد ملكا، فالفخار أضعفه وفوقه النحاس أشد منه ثم الفضة أحسن منه وأفضل والذهب أحسن من الفضة وأفضل والحديد هو ملكك، فهذا أشد وأعز مما قبله لأنه آلة الحرب وقوام النصر يكون فيه، والصخرة التي رأيت أرسلها الله من السماء فدقته فنبيّ يبعثه الله من السماء فيدق ذلك أجمع ويصير الأمر إليه شئت أم أبيت، قالوا فسكت وأذعن ولم ينبس بشيء لأنه كان حاضرا واقعة سنجاريب المارّة آنفا ووقر في قلبه أن الله تعالى يغتار لأنبيائه وقد صدقهم لأنهم أخبروه بشيء لا يعلمونه، وانهم علموه بإعلام الله إياهم، فتركهم ولم يكلمهم، قالوا ثم ان أهل بابل قالوا لبختنصر أرأيت هؤلاء الغلمان الإسرائيليين، فإنا قد أنكرنا نساءنا منا منذ كانوا معنا حيث انصرفت وجوههن عنا إليهم، فاخرجهم من بين أظهرنا واقتلهم، فقال شأنكم بهم فمن أحب منكم أن يقتل من عنده فليفعل، أما أنا فلا أفعل بهم شيئا فلما قربوهم للقتل بكوا وتضرعوا الى الله عز وجل فوعدهم الله أن يحييهم، قالوا فقتلوهم إلا من كان عند

<<  <  ج: ص:  >  >>