للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرق الى الغرب بل في جميع أنحاء العالم بلحظة واحدة بسبب لطافته ويدور الدم في الوجود كله ويرجع لمركزه بالدقيقة الواحدة ما يزيد على سبعين مرة والقوة الكهربائية تصل من الشرق إلى المغرب بلحظة، وإذا كان كذلك وهو كذلك أفلا يجوز أن يوجد الله تعالى تلك اللطافة والقوة بوجود المصطفى بقدرته البالغة؟ بلى، وهو على كل شيء قدير، وقدمنا آنفا في مبادئ هذه السورة ما يتعلق بهذا الإسراء وكونه يقظة، وفنّدنا ما يضاد هذه الأقوال بعد بيان المعجزة الخامسة أما ما جاء في حديث شريك من أن الاسراء وقع قبل الوحي رؤية فهو خطأ، وقد انتقد هذا الحديث الذي أخرجه البخاري جماعة من أهل العلم، وعلى فرض صحته يكون إسراءان واحد في المنام وقع له صلّى الله عليه وسلم توطئة وتيسرا لما تضعف عنه القوى البشرية من الأمور التي وقعت في الثاني، وإليه الاشارة بقوله تعالى (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا) إلخ الآية ٦ الآتية من هذه السورة، وواحد في اليقظة بروحه وجسده وهو ما عليه الجمهور، قال في الكشف هذا هو الحق وبه يحصل الجمع بين الأحاديث والأخبار، وقدمنا في الآية ١٨ من سورة الجنّ ما له علاقة في هذا البحث فراجعه، وقدمنا في الآية (٩) فما بعدها من سورة والنجم قول الزهري بأنه سنة خمس أي سنة نزولها وبينا أن هناك أقوالا بأكثر وأقل أعرضنا عنها لعدم التثبت من صحتها، وقد ذكرنا أيضا هناك الاشكال الذي حصل لنا بفرضية الصلاة، لأن الفقهاء أجمعوا على أنها فرضت سنة عشر ليلة الإسراء، وسورة النجم نزلت سنة خمس.

واعلم أن ما ذكره النووي في الروضة من أنه وقع في السنة الحادية عشرة أي بعد البعثة بعشر سنين وثلاثة أشهر فيه تسامح، لأنه اعتبر مبدأ التاريخ من شهر الولادة في ١٢ ربيع الأول سنة ١ منها والبعثة وقعت سنة ٤١ من ولادته في ٢٧ رمضان والاسراء وقع في رجب سنة ٥١ قولا واحدا، فيكون على قول النووي عشر سنين وعشرة أشهر بتداخل السنتين المذكورتين وحساب طرفيهما، والحق أنه بعد البعثة بتسع سنين وعشرة أشهر لا عشرة أيام، لأن الكلمة مجمعة على أن الصلاة فرضت في السنة العاشرة كما أن الكلمة مجمعة على أنها فرضت ليلة الإسراء، فيكون

<<  <  ج: ص:  >  >>