للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستدل من هذا أن العلوم الشتى هي العلوم الثلاثة المذكورة، كما تدل عليه الفاء الفرعية وهي زائدة على علوم الأولين والآخرين، فالأول وهو الذي أمره بكته من باب الحقيقة الصّرفة، والثاني الذي خيره فيه من باب المعرفة، والثالث الذي أمره تبليغه للعامة والخاصة من باب الشريعة، قال أبو يزيد البسطامي رأيت ربّي في المنام فقلت كيف الطريق إليك، فقال أترك نفسك وتعال. وقال حمزة الفارسي قرأت القرآن على ربي في المنام، فلما قرأت: (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ) قال قل وأنت القاهر يا حمزة. التاسعة والخمسون: قال صلّى الله عليه وسلم سمعت كلام الحق كما سمعه موسى، أي من جميع جهاتي وبكل أجزائي بلا كيفية، ورأيته بعين رأسي بلا كيفية، هذا وإن جميع الأنبياء رأوا ربهم حال الانسلاخ الكلي بأعين بصيرتهم، وإن الرسول محمدا رآه بعين رأسه على الصحيح، وقدمنا في الآية ٤٠ من سورة بالنجم والآية ٢٣ من سورة القيامة والآية ١٤٣ من سورة الأعراف المارات ما يتعلق في بحث رؤية الله تعالى فراجعها، وهذه الرؤية الحقيقية جعلت له صلّى الله عليه وسلم في هذا المقام العظيم مرة واحدة ففضل فيها على المرسلين كافة، أما رؤيته حال الانسلاخ بعين بصيرته كغيره من الأنبياء فكثيرة جدا، أما غير الأنبياء من مؤمني البشر فيجوز أن يروه في المنام كأبي يزيد البسطامي وحمزة الفارسي وغيرهما من صالحي هذه الأمة المباركة، ولا ينافي ذلك الحكم الشرعي، بل يوافقه وعليه الإجماع.

قال صلّى الله عليه وسلم ثم فرض عليّ وعلى أمّتي خمسين صلاة في اليوم والليلة، فنزلت إلى إبراهيم فلم يقل شيئا، ثم أتيت موسى فقال لي ما فرض الله على أمتك؟ قلت خمسين صلاة، قال إرجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فإن أمتك لا تطيق ذلك، واني قد خبرت قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، قال عليه السلام فرجعت إلى ربي (أي من الفلك السادس الذي فيه موسى إلى المحل المشرف الذي خاطبه به ربه) فخررت ساجدا فقلت أبا رب خقف عن أمتي، فحط عني خمسا، فرجعت إلى موسى وأخبرته، فقال إن أمتك لا تطيق ذلك إرجع إلى ربك واسأله التخفيف، قال فلم أزل أرجع بين ربي وموسى وهو يحط عني خمسا خمسا حتى قال موسى بم أمرت؟ قلت بخمس صلوات كل يوم وليلة، قال إرجع فاسأله التخفيف، فقلت

<<  <  ج: ص:  >  >>