للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذات كثيرة، ولما استقام لكم أمر معاشكم. وكلمة سرمدا لم تأت إلا في هذه السورة فقط، ثم كرر النداء للمشركين زيادة في توبيخهم وتقريعا على إصرارهم لعلهم ينتبهون فينتهون بقوله «وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ» على ملاء الأشهاد «فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ» ٧٤ تقدم تفسير مثله، وإن زعم تتعدى لمفعولين كقوله:

وإن الذي قد عاش يا أم مالك ... يموت ولم أزعمك عن ذاك معزلا

وقد حذف في الآية هذه مفعولي زعم أيضا، ولك أن تقول فيها كما هو في الآية ٦٤ المارة.

مطلب في أنواع البديع التفسير ولمقابلة وقصة قارون:

وجاء في الآية ٧٣ المارة من أنواع البديع اللف والنّشر المرتب، ويسمى التفسير من أقسام المعنوي في تحسين وجوه الكلام، ومنه المقابلة كقوله:

ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا ... وأقبح الكفر والإفلاس في الرجل

وجاء مثله في القرآن بقوله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) لآخر الآيات من سورة والليل المارة، قال تعالى «وَنَزَعْنا» أفردنا وميزنا وأخرجنا «مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ» من الأمم السالفة «شَهِيداً» يشهد عليهم بأنه بلغهم رسالة ربهم ونصحهم، لأن الأنبياء هم شهداء الأمم فيما لهم عليهم يوم القيامة «فَقُلْنا لهم» أي نقول للأمم المكذبة يوم القيامة «هاتُوا بُرْهانَكُمْ» على أن لله شريكا بينوا حجتكم على صحة دعواكم هذه وما كنتم تدينون به في الدنيا فصمتوا، إذ لا دليل لهم على ذلك ولا امارة «فَعَلِمُوا» حينذاك «أَنَّ الْحَقَّ» في الإلهية كله «لِلَّهِ» وحده «وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ» ٧٥ من دعوى الشرك، وجاء الفعل هنا بالماضي لتحققه، وهكذا كل ما هو محقق وقوعه، وكرر جل شأنه اللائمة على المشركين، لأنه لا شيء أجلب لغضبه من ادعاء الشرك، كما لا شيء أدخل في مرضاته من التوحيد، قال تعالى «إِنَّ قارُونَ» بن يصهر بن قاهت «كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى» قيل هو ابن عمه، لأن موسى بن عمران بن قاهت ابن لاوى بن يعقوب عليه السلام، وكان عالما لا أقرأ منه في التوراة، ولكنه نافق مثل السامري، ومثل يهوذا الأسخريوطي من حواري عيسى، وعبد الله بن

<<  <  ج: ص:  >  >>