المبارك «وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ» من ثمارها وفواكهها وحبوبها وبقلها «وَقُولُوا حِطَّةٌ» أي حط عنا ذنوبنا يا ربنا شكرا للنعم الموجودة فيها، مما لم يكن لكم مثله قبل «وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً» تعظيما للبيت وإجلالا لربه الذي أنعم عليكم بدخولها ومنحكم من خيراتها وبركاتها «نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ» المتراكمة عليكم وأحسنوا لأنفسكم وغيركم لأنا «سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ١٦١» على المغفرة ثوابا من إفضالنا، وخيرا مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر «فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ» أو أمرنا هذه ولم يقدروا نعمنا عليهم وقالوا «قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ» فبدل الحطة قالوا خطة، وبدل أن يدخلوا الباب ساجدين احتراما لنا خاضعين لأوامرنا دخلوه زحفا على أستاههم «فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ» بسبب مخالفتهم هذه «رِجْزاً» عذابا شديدا نازلا عليهم «مِنَ السَّماءِ» وهو الموت والفرق بين أنزلنا وأرسلنا أن الإرسال يدل على الكثرة، والإنزال على القلة وذلك «بِما كانُوا يَظْلِمُونَ ١٦٢) أنفسهم لخروجهم عن الطاعة وسيأتي زيادة تفصيل لتفسير هذه الآية عند تفسير نظيرتها الآية ٥٨ من سورة البقرة من ج ٣. وهذه أولى الآيات المدنيات في هذه السورة، وهي كما ذكرنا في مثلها مغرضة بين ما قبلها وما بعدها كالمستطردة قال تعالى (وَسْئَلْهُمْ)
يا أكمل الرسل يريد اليهود الموجودين معه في المدينة «عَنِ الْقَرْيَةِ» هي طبرية وقيل مدينة بين مدين والطور أو مصر والمدينة أو بين مدين وعيوني على الساحل «الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ» قريبة منه على ساحله والحاضرة المدينة الكبيرة المرتبط بها غيرها من القرى والقصبات، ويقال لساكنها حضريّ ضد البادية فالمخيم بها بدويّ «إِذْ يَعْدُونَ» يتعدون حدود الله ويتجاوزون أوامره التي سنّها لهم وأوجبها عليهم «فِي السَّبْتِ» الذي حرم عليهم العمل فيه ثم بين تعديهم بمناسبة ذكرى مخالفتهم المذكورة آنفا فقال «إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً» ظاهرة متتابعة على وجه الماء «وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ» وهذا من قبيل الإلهام لهذه الحيوانات كأنها تعلم أن أحدا لا يعارضها يوم السبت فتظهر