للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«فَلَهُ أَسْلِمُوا» وانقادوا أيها النّاس لعظمته وأخلصوا لكبريائه والهجوا بذكره وحده على الذبح وغيره، ولا تذكروا شيئا سواه أبدا «وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ» (٣٤) له الخاشعين لهيبته الخاضعين لعبادته «الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ» أمامهم وبمسمعهم «وَجِلَتْ» خافت أشد الخوف «قُلُوبُهُمْ» ورجفت لعظمته فيها وهيبته عليها فبشر هؤلاء يا سيد الرسل «وَالصَّابِرِينَ» بشرهم «عَلى ما أَصابَهُمْ» من البلاء والمحن الواقعة عليهم من الله ومن خلقه، لانهم يعلمون أنها بقضائه وقدره «وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ» بأوقاتها الموفين بأركانها وواجباتها وسنتها بشرهم أيضا «وَ» بشر الّذين «مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ» (٣٥) على المستحقين وخاصة الّذين يؤثرون الفقراء على أنفسهم بشرهم برضوان الله ورحمته. قال تعالى «وَالْبُدْنَ» جمع بدنة تطلق على الإبل والبقر فقط لبدانتهما «جَعَلْناها لَكُمْ» أيها النّاس ملكا، وجعلنا ذبحها في الحرم للحاج وغيرهم أضحية تذبحونها فيه ليتناولها أهله المحتاجون «مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ» واعلام دينه «لَكُمْ فِيها خَيْرٌ» في الدّنيا بالذكر الحسن وفي الآخرة بالثواب العظيم إذا هديتموها وذبحتموها وتصدقتم بها على أهل الله وعياله، وإذا أردتم ذبحها «فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ» بالفتح دون تنوين، وقرئت منوّنة على لغة من يصرف مالا ينصرف، قال الرّاجز

والصّرف والجمع أتى كثيرا ... حتى ادعى قوم به التخييرا

وهذه الكلمة لم تكرر في القرآن أيضا. أي اذبحوها قائمة على ثلاث ويدها اليسرى معقولة. روى البخاري ومسلم عن زياد بن جبير قال رأيت ابن عمر أتى على رجل قد أناخ بدنة لينحرها، قال ابعثها قياما مقيدة سنة محمد صلّى الله عليه وسلم، وهذه السّنة قل من يفعلها الآن لأنهم لا يذبحون البدن إلّا مناخة معقولة من الأربع «فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها» بأن سقطت على الأرض بعد الذبح بدليل قوله جل وعلا «فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ» المتعفف

«وَالْمُعْتَرَّ» الملحف بالسؤال «كَذلِكَ» مثل ما سخّرناها لكم بأن تذبح وهي قائمة «سَخَّرْناها لَكُمْ» للركوب والحمل وذللناها لكم حتى صارت تنقاد للطفل لكمل استفادتكم منها، ولولا هذا التسخير لما استفدتم منها شيئا من ركوب وحمل وحليب رجزّ وبر وغيرها لأنها أقوى منكم،

<<  <  ج: ص:  >  >>