كذا وكذا فاخرجوا إليه واكتموا، فكتب رجل من المنافقين إليه بذلك فنزلت.
وقال السدي: كانوا يسمعون الشيء من الرسول فيفشونه فنهوا عن ذلك بهذه الآية.
مطلب فيما عدّ خيانة على سفير رسول الله. والآيات المكية النازلة بالهجرة وعلى أي صورة نسخ القرآن العظيم:
وذكر الزهري والكلبي أنه لما هاجر رسول الله يهود بني قريظة في غزوته السابقة الكائنة في السنة الخامسة من الهجرة التي أشار الله إليها في الآية ٢٧ من سورة الأحزاب الآتية سألوه الصلح على ما صالح عليه بني النضير في غزوته الخامسة الواقعة في السنة الرابعة التي أشار إليها الله في الآية الثانية من سورة الحشر الآتية بأن يهاجروا إلى أذرعات وأريحا من أرض الشام فأبى أن يعطيهم ذلك إلا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ، قالوا وطلبوا منه أن يرسل إليهم أبا لبابة بن عبد المنذر ليسترشدوا برأيه إذ كان وماله وعياله وولده عندهم، فأرسله رسول الله صلّى الله عليه وسلم كسفير من قبله لعقد الصلح الذي طلبوه، فأتاهم فقالوا له أننزل على حكم سعد بن معاذ كما طلب رسولكم؟ فأشار بيده إلى حلقه، أي لا تفعلوا فإنه الذبح، وكان عليه أن يقول لهم امتثلوا أمره أو أرجوه أن يختار لكم غيره، لا أن يخبرهم بما سيقع عليهم وهم أعداء الله ورسوله والمؤمنين.
ولا يحتج هنا بقول الرسول المستشار مؤتمن، لأن الخدعة مطلوبة بالحروب كما مر آنفا في الآية ١٦، وبإشارته هذه يعتبر أنه قد خان الله ورسوله ورسالته التي أرسل بها، ولما عرف أبو لبابة ذلك وقال والله ما زالت قدماي عن مكانهما حتى علمت أني خنت رسالتي وخنت الله ورسوله، لذلك لم أرجع منهم إلى رسول الله بل انطلقت إلى المسجد رأسا وشددت نفسي على سارية وحلفت أن لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت أو يتوب علي الله، فلما بلغ ذلك حضرة الرسول قال أما لو جاء لا ستغفرت له، أما أن فعل ما فعل فإني لا أطلقه حتى يتوب الله عليه، فبقي سبعة أيام، وأغشي عليه من الجوع والعطش، ثم تاب الله عليه فأخبر فقال إلا أن يأتي رسول الله فيحلني بيده، فجاء إليه وحلته، فقال يا رسول الله إن تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أذنبت فيها وأن أنخلع من مالي كله، فقال