لم يأت في القرآن العظيم إلا في سياق الذم، قال تعالى (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) الآية ١٧ من عبس (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) الآية ٦ من الإنفطار (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً) الآية ٦ من الإنشقاق (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) الآية ٢ من العصر في ج ١ وقال (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ)(وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ) من آخر الأحزاب في ج ٣، فهذه كلها في معرض الذم، فتكون الأولى في معرض المدح هنا، إذ ما عموم إلا وخص منه. قال تعالى «وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما» تضجر منهما كراهية لهما راجع الآية ٢٣ من الإسراء في ج ١، «أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ» هذه الجملة مقول القول أي أأنشر حيّا من قبري بعد بلائي «وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي» فلم يحيى منهم أحد «وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللَّهَ» عليه لما سمعا كلامه الدال على إنكار البعث، وعدم الإيمان وصارا يقولان له «وَيْلَكَ» هلاكك من وبال هذا الكلام، وأصل الويل الدعاء بالثبور والهلاك، ويقوم مقام الحث على الفعل أو تركه «آمِنْ» بالله وصدق رسوله واعتقد بالحياة الآخرة بعد الموت، فقد وعد الله به رسله وأخبرونا به «إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ» واقع لا محالة، وأنه سيدخل المؤمنين الجنة والكافرين به النار البتة «فَيَقُولُ» لهما «ما هذا» الذي تدعوان إليه بأن أصدقه وأقبله «إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ» ١٧ خرافاتهم الكاذبة الملعقة، وهذه الآية عامة في كل كافر دعواه والداه إلى الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر، فلم يفعل ولم يصغ لقولهما، وما زعمه مروان في الحديث الذي رواه البخاري عن يوسف بن ماهك قال:
كان مروان على الحجاز استعمله معاوية فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له، فقال له عبد الرحمن بن ابي بكر رضي الله عنهما شيئا، فقال لشرطته خذوه، فدخل بيت عائشة، فلم يقدروا عليه، فقال مروان هذا الذي أنزل الله فيه (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ) فقالت عائشة رضي الله عنها وعن أبيها من وراء الحجاب ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن (تريد مما هو يفيد الذم) إلا ما أنزل الله في سورة النور من براءتي. ومما يؤيد قول عائشة وينفي قول مروان عليه ما يستحق من الملك الديان قوله تعالى «أُولئِكَ» العاقون الكافرون هم «الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ