للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما ذكر الله عن أصحاب الكهف يرجع إلى الغنى؛ لأن الله أغناهم عن الطعام والشراب تلك المدة الطويلة، وكلما يخبر به الأنبياء من أمور غائبة هو من الخوارق العلمية، وهكذا دلائل نبوة محمد راجعة إلى هذه، فقد أخبر بأمور مستقبلة غائبة لا تزال تظهر بين حين وآخر، فهي من أعلام نبوته .

وذكر شيخ الإسلام: أن «عدم الخوارق علمًا وقدرة لا تضر المسلم في دينه، فمن لم ينكشف له شيء من المغيبات، ولم يسخر له شيء من الكونيات لا ينقصه ذلك في مرتبته عند الله؛ بل قد يكون عدم ذلك أنفع له في دينه» (١)، لذا لا يستدل بعدم حصول كرامة على عدم الولاية، كما لا يستدل بحصول خارق على الولاية؛ بل ضابطها: الإيمان والتقوى، كما قال تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٦٣)[يونس].

فإن الخوارق قد تجري في الظاهر على يدي الكهان والسحرة، وهي: مخاريق، وأكاذيب، ولهذا جاء عن بعض السلف أنه قال: «لو نظرتم إلى رجل أُعطي من الكرامات حتى يرفع في الهواء؛ فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي، وحفظ الحدود، وأداء الشريعة» (٢).


(١) مجموع الفتاوى ١١/ ٣٢٣.
(٢) قاله أبو يزيد البسطامي. حلية الأولياء ١٠/ ٤٠، ونحوه عن الإمامين الليث بن سعد والشافعي كما في آداب الشافعي ومناقبه ص ١٨٤، وانظر: مجموع الفتاوى ١١/ ٤٦٦، والفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص ١٧٣.

<<  <   >  >>