ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ٢٥﴾ [الكهف]، بقوا في كهفهم يقلبهم ربهم: ﴿وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾ [الكهف: ١٨]، وعاشوا هذه المدة الطويلة، بلا طعام ولا شراب، وبعد ذلك يستيقظون ويتحدثون ولم يشعروا بما جرى لهم، ﴿قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ [الكهف: ١٩].
وجِماع صفات الكمال: الغنى والعلم والقدرة، ويستشهد لهذا بأن الله تعالى أمر نبيه ﷺ ألا يدعي شيئًا منها إلا ما أعطاه الله: ﴿قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾ [الأنعام: ٥٠]، وهكذا قال نوح لقومه: ﴿وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ﴾ [هود: ٣١].
فأول الرسل وآخرهم تبرؤوا من دعوى هذه الأمور إلا ما أعطاهم الله منها، والمقصود من ذكر هذا المعنى: بيان أن خوارق العادات مدارها على هذه الثلاث: إما أن ترجع إلى القدرة والتأثير، أو العلم، أو الغنى.
وتسمى الخوارق العلمية المتعلقة بالعلم: الخوارق الكشفية؛ لأن خرق العادة بعِلْمِ أمرٍ مستورٍ هو كشف لغائب.
وهذه المعاني ترجع إلى كل الخوارق سواء كانت على يد أنبياء أو أولياء، فمثلًا: عصا موسى ترجع إلى القدرة والتأثير، وكذلك فلق البحر يرجع للقدرة والتأثير.