للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمثلًا: بعض الناس، يقال له: اترك شرب الدخان، فيقول: لا أستطيع! لا يستطيع بسبب غلبة شهوته، وهو في الحقيقة مستطيع.

أو قيل له: حافظ على صلاة الفجر مع الجماعة، فيقول: لا أستطيع، أهو لا يستطيع؟! لا والله، مستطيع، ولو كان عنده أمر فيه مصلحة تهمه لنهض إليها، وظهرت استطاعته!

وغلط في هذا المقام طائفتان:

- من لم يثبت إلا الاستطاعة التي قَبل الفعل، وهم المعتزلة.

فقد نفوا الاستطاعة الثانية؛ لأن الله عندهم لا يقدر أن يهدي أحدًا ولا يضل أحدًا؛ بل العبد هو الذي يتصرف في نفسه.

- والطائفة الثانية: حكى قولهم ابن أبي العز في الشرح فقال: إن طائفة من أهل السنة - ولم يُعيِّنهم (١) - قالوا: «الاستطاعة لا تكون إلا مع الفعل» (٢)، وهذا غلط؛ فإن قولهم هذا يقتضي أن معنى قوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦]، اتقوا الله إذا اتقيتم الله، فلا تجب


(١) قال شيخ الإسلام: «من أطلق القول بأن الاستطاعة لا تكون إلا مع الفعل فإطلاقه مخالف لما ورد في الكتاب والسنة وما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها - كإطلاق القول بالجبر - وإن كان قد أطلق ذلك طوائف من المنتسبين إلى الإمام أحمد وغيره من أئمة السنة كأبي الحسن، وأبي بكر عبد العزيز، وأبي عبد الله بن حامد، والقاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى، وأبي المعالي، وأبي الحسن بن الزغواني، وغيرهم، فقد منع هذا الإطلاق جمهور أهل العلم كأبي العباس بن سريج، وأبي العباس القلانسي، وغيرهما، ونقل ذلك عن أبي حنيفة نفسه، وهو مقتضى قول جميع الأمة». مجموع الفتاوى ٨/ ٢٩٩.
(٢) ص ٦٣٣.

<<  <   >  >>