للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالبدن وتنفصل عنه، وتسري فيه سريانًا - على وجه التقريب - كسريان النار في الفحم، وسريان الدهن في الزيتون، وسريان الماء في العود، المهم أن لها كيانًا يخصها، وهي موصوفة بصفات ثبوتية وسلبية، مثل: أنها تذهب وتجيء، وتُقبض وتُرسل، وهذا بنص القرآن: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى﴾ [الزمر: ٤٢]، وفي الصحيح عن النبي في الذكر عند النوم: «باسمك ربِّ وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين» (١)، وهي مغايرة في حقيقتها للأجسام المشهودة.

فهذا هو القول الوسط الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وهذا مذهب أهل السنة: أن الروح شيء موجود متميز، وهي حقيقة قائمة بنفسها، وموصوفة بصفات ثبوتية وسلبية، وهي مغايرة في ماهيتها وحقيقتها للأجسام المشهودة.

ويتعلق بالروح مسائل كثيرة اعتنى بذكرها ابن القيم في كتابه «الروح»، وفصَّل القول فيها.

منها: الكلام في خلق الروح، فقد قيل: إنها قديمة، أي: ليست محدثة، فلا بداية لوجودها، وهذا باطل؛ بل هي محدثة ومخلوقة كسائر المخلوقات، فالإنسان مخلوق: روحه وبدنه (٢).


(١) البخاري (٦٣٢٠)، ومسلم (٢٧١٤) من حديث أبي هريرة .
(٢) الروح ص ٢٢٦.

<<  <   >  >>