للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تاب توبة نصوحًا مستوفية للشروط إقلاعًا وندمًا وعزمًا؛ فإنه مغفور له، وليس هو من أهل الوعيد.

والطحاوي هنا بيَّن مذهب أهل السنة والجماعة في حُكم أهل الكبائر في الآخرة: أنهم مستحقون للوعيد؛ ولكنهم تحت مشيئة الله، إن شاء غفر لهم، وإن شاء عذبهم، ومن عذبه منهم فلا بد أن يخرجه من النار؛ لأنه لا يخلد أحد من أهل التوحيد، إذ «من قال: لا إله إلا الله، وفي قلبه مثقال خردلة، أو شعيرة، أو بُرَّة أو ذرة من إيمان» لا بد أن يخرج من النار، كما تقدم في أحاديث الشفاعة (١).

أما الخوارج والمعتزلة فقد اتفقوا على حكم مرتكب الكبيرة في الآخرة، وهو: أنه لا بد من دخول النار، وعندهم أن من دخل النار؛ فإنه لا يخرج منها.

وقوله: «بعد أن لقوا الله عارفين».

أي: مؤمنين بربهم الإيمان الصحيح، وعلق الشارح ابن أبي العز على قوله: «عارفين» بأنه: «لو قال: «مؤمنين» لكن أولى؛ لأن من عرف الله ولم يؤمن به فهو كافر، ثم قال: وكأنه يريد المعرفة التامة المستلزمة للاهتداء التي يشير إليها أهل الطريقة، وحاشا أولئك أن يكونوا من أهل الكبائر؛ بل هم سادة الناس وخاصتهم» (٢).

لأن أهل الكبائر ليسوا من أهل العلم التام بالله ، وإنما يريد مطلق المعرفة، إذا ماتوا بعد أن لقوا الله عارفين موحدين.


(١) ص ١٨٤.
(٢) ص ٥٢٧.

<<  <   >  >>