والمأثور من هذه المعاني هو الثاني والثالث، وأما الأول فهو اصطلاح حادث، وهو نوعٌ من التفسير، لكن الأصل أن الكلام يُحمل على ظاهره، ولا يجوز صرفه عن ظاهره إلا بدليل يجب المصير إليه، فهذه النصوص لا يجوز صرفها عن ظاهرها، بل يجب إجراؤها على ظاهرها، كالقول في سائر نصوص الصفات، وظاهرها هو إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة عيانًا بأبصارهم، ولا يجوز صرفها عن هذا الظاهر؛ لأنه ليس هناك حجةٌ صحيحة توجب صرف هذه النصوص عن ظاهرها.
وإذا قال الأصوليون: هذا مُؤوَّل، أو مُتأوَّل؛ معناه: أنه مصروف عن ظاهره إلى غيره، لكن تارة يكون بحجة صحيحة، فيكون هذا التأويل صحيحًا، وتارة يكون ذلك التأويل بغير حجةٍ صحيحة، كتأويل المبتدعة للنصوص المخالفة لأصولهم، فكل تأويلات المبتدعة للنصوص المخالفة لأصولهم من نوع التأويل الباطل، والاسم المطابق لتأويلهم هو التحريف؛ فإن صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى احتمالٍ مرجوح، أو صرفه عن ظاهره إلى غيره بغير دليل يوجب ذلك، هو من تحريف الكلم عن مواضعه.
قوله:«ولا متوهمين بأهوائنا».
ولا نتوهم فيها خلاف ظاهرها بدافع الهوى؛ فإن من التأويل ما لا دليل عليه غيرُ وهمٍ باعثُه الهوى؛ فإن الإنسان إذا كان له هوىً في شيء يكون في عقله تصورات واعتقادات تنبعث من هواه، وهذا هو الذي