يكون المراد ستعلمون ربكم؛ لأن العباد يعلمون ربهم وهم في الدنيا قبل أن يموتوا: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (١١٠)﴾ [طه] يعرفون ربهم أنه خالقهم، وخالق كل شيء، وأنه الله الذي لا إله غيره، فلا يجوز أن يُراد بقوله ﷺ:«سترون ربكم» يعني: تعلمون، وتكون الرؤية علمية؛ فإنه ﷺ قال:«كما ترون الشمس .. كما ترون القمر .. » وهذا كلام واضح قاطع مبطل لكل التحريفات.
وكلمات الطحاوي هذه تُوهِم التفويض، لكن لا يصح أن نقول: إنه يُفوِّض هذه النصوص؛ لأن التفويض لا يجري إلا على مذهب من ينفي حقيقة الرؤية، والمصنف بريء من هذا، فإنه يثبت الرؤية.
وقوله:«لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا».
التأوُّل بمعنى التأويل، فلا ندخل في ذلك متأولين لتلك النصوص برأينا المحض فنؤولها على خلاف ظاهرها.
قال الإمام ابن تيمية:«إن التأويل صار مستعملًا في ثلاثة معان:
الأول: التأويل في اصطلاح كثير من المتأخرين المتكلمين في الفقه وأصوله: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى احتمال مرجوح لدليل يقترن به.
الثاني: التأويل بمعنى: التفسير، وهذا هو الغالب على اصطلاح المفسرين.
الثالث: التأويل بمعنى: الحقيقة التي يؤول إليها الكلام» (١).