مررت برجل وامرأة وحمار قيام، وكذلك لو كانت الأسماء معرفة، وجاء حال منهم مجموع بلفظ واحد، لم يكن فيه تبعيض وكان نصبا كقولك: مررت بأخيك، وعبد الله، وزيد قياما، ولا تقل: قيام، ولو قلت: مررت بأخويك قائما وقاعدا، جاز فيه النصب والرفع على التبعيض.
قال سيبويه:(وتقول: مررت برجل أسد شدة وجرأة). وذكر الفصل.
قال أبو سعيد: قولهم: مررت برجل أسد ضعيف لأن أسد اسم نوع، ولا يوصف بالأنواع ولا بالجواهر، وإنما الوصف بالتحلية فاحتجن لذلك إلى تقدير مثل في الوصف، فقدرت مثل الأسد، لأن مثل بمعنى مماثل وهو مأخوذ من فعل.
والأسماء الجارية على الفعل هي للصفات في الأصل، فإذا قلت: مررت بزيد أسد شدة لم يقبح.
قال سيبويه محتجا لهذا:(وقد يكون خبرا ما لا يكون صفة)، وقد ذكرنا من قول سيبويه:(هذا مالك درهما، وهذا
خاتمك حديدا) على الحال، ولا يحسن: مررت بحديد خاتم وفضة درهم على الصفة.
قال أبو سعيد: والذي عندي: أن جواز أسد في الصفة والحال واحد، وذلك أنك لست تريد في الحال إذا قلت: مررت بزيد أسدا شخص الأسد الذي هو السبع، وإنما تريد شديدا.
وإذا كان أسد في الحال بمعنى شديد، كان في الصفة مثله لأن مرجعه إلى معنى شديد، وشديد صفة، فإذا قلت: هذا خاتمك حديدا وهذا مالك درهما، فإنما تريد نفس الحديد والدرهم.
قال سيبويه:(ومنه أيضا: ما مررت برجل صالح بل طالح، أبدلت الصفة الأخيرة من الصفة الأولى). وذكر الفصل.
قال أبو سعيد: قد استعمله سيبويه في هذا الموضع وقبله بأسطر، لفظ البدل على غير ما اعتاده النحويون، لأن البدل في كلامهم هو: أن يقدر سقوط ما قبله، ويقام الثاني مقامه، ولو قدرنا هذا في هذا الموضع لما صح الكلام، لأنه قال في الأول: ما مررت برجل كريم بل لئيم، ولو أطرحنا كريما، وجعلنا مكانه لئيم، صار تقديره: ما مررت برجل لئيم، وليس هذا بمراد، فيكون معنى الكلام أنك أبدلت الإيجاب من النفي على ما