للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول البصريين لأن في لا يمتنع دخولها على زمان الفعل وإن قلّ، ألا ترى أنك تقول: قد سار في بعض النهار، ولم يسر فيه كله فالجزاء الذي وقع فيه السير واستوعبه قد دخلت عليه في، وتقول: تكلمت في القوم أجمعين فتدخل في على القوم وقد استوعبهم الكلام، فكذلك لم تدخل في على اليوم، وإن استوعبه الكلام، وقد منع الكوفيون أن يقال: زيد خلفك أشد المنع، واحتالوا لما جاء في الشعر ما فيه تعسف حين قال بعضهم في قوله:

إلا جبرئيل أمامها (١)

إنّ ذلك إنما جاز، لأن جبريل لعظم خلقه يملك الأمام كله، وهذا خطأ، لأن الأمام لا نهاية له، فلا يجوز أن يملأه شيء، وهكذا سائر الجهات، وأجازوا ذلك في أخبار الأماكن، فقالوا: داري خلفك، ومنزلي أمامك، وعلى هذا [التأويل] حمل ثعلب قول لبيد:

خلفها وأمامها (٢)

هذا باب ما شبّه من الأماكن المختصة

(بالمكان غير المختص شبّهت به إذا كانت تقع على الأماكن).

قال أبو سعيد: هذا الباب ينقسم قسمين:

أحدهما: يراد به تعيين المنزلة بعد أو قرب.

والآخر: يراد به تقدير البعد والقرب.

فما أريد به تعيين الموضع وذكر المحل من قرب أو بعد، وإن النصب يجوز فيه على الظرف، والرفع على خبر الأول تشبيها، والأكثر فيه النصب.

ويدلّك على ذلك أنك تدخل الباء عليه فتقول:

هو مني بمنزلة، كأنه قال: هو مني استقر بمنزلة، والباء وفي بمعنى واحد، كما تقول: هو بالبصرة، وفي البصرة. فأما قولهم: هو مني مزجر الكلب، فلمن كان مباعدا مهانا.


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>