قال أبو سعيد: اعلم أن " الواو " و " أم " و " الواو " و " بل " أصول وضعن مختلفة ثم يقع فيهن من المجاز والاتساع ما يتداخلن فيه. فيستعمل الحرفين منهن في معنى واحد.
فمن ذلك: اجتماع " الواو " و " أو " في قوله: " خذه بما عز أو هان " و " خذ بما عز وهان " ولا فرق بينهما في المعنى. وكل واحدة منهما تجزئ عن أختها فيما يراد ويقصد.
فأما من قال " بأو " فمعناه: خذه بأحد هذين أما العزيز وأما الهين، ولا يفوتنك بحال.
وأما من قال: " بما عز وهان " بالواو فمعناه: بالعزيز والهين. وليس قصده وغرضه أن نأخذ بهما في حال ولا حالين.
وإنما معناه: خذه بما بذله لك من العزيز والهين كما تقول: خذه بالشدة والرخاء واستصلحه بالرفق والعنف والتوسعة والضيق. ومعناه: خذه بما صلح به من هذين الشيئين.
ومثله: " كل حق له سميناه له أو لم نسمه ". و " كل حق له علمناه أو جهلناه ". على معنى: وكل حق له بإحدى هاتين الصفتين أما مسمى وأما غير مسمى. وتكون على وجهين:
[على أنه صفة للحق وعلى أنه حال.]
فأما الصفة فتقديره: " كل حق له مذكور وغير مذكور "
وأما الحال فعلى معنى: " وكل حق له إن كان مسمى وإن كان غير مسمى ".
كأنه قال: كل حق له كائنا ما كان.
كما تقول: لأضربنه ذهب أو مكث. كأنه قال: لأضربنه ذاهبا أو ماكثا. ولأضربنه إن ذهب أو مكث.
فأما من قال " بالواو " فمعناه: كل حق له من المسمى وغير المسمى.
ومما يقع فيه " الواو " و " أو " بمعنى واحد: ما كان من التخيير بمعنى الإباحة كرجل أنكر على ولده مجالسة ذوي الزيغ والريب وأراد أن يعدل به إلى مجالسة غيرهم فقال له:
" دع مجالسة أهل الريب وجالس الفقهاء والقراء وأصحاب الحديث ".
أو قال له: " جالس الفقهاء والقراء أو أصحاب الحديث " فذلك كله بمعنى واحد.
لأن مفهوم الكلام أنه لا يمكنه مجالسة جميع من ذكره. وإن كانت " بالواو " فأن المراد: أن