قوله: "وإن كنت" إن هاهنا واصلة بما قبلها، وكنت: جملة فعلية فعل الشرط، والجواب محذوف دل عليه جواب لو، وقوله: "رمة": نصب على أنه خبر كان.
فإن قيل: هذه الجملة معطوفة على ماذا؟
قلت: مثل هذه الجملة تعطف على مقدر، تقدير الكلام: إن لم أكن رمة وإن كنت رمة، فافهم.
الاستشهاد فيه:
أن "لو" هاهنا للتعليق في المستقبل ولهذا رادفت "إن" (١).
الشاهد الثالث والخمسون بعد المائة والألف (٢)، (٣)
ما كان ضَرَّكَ لَوْ مَنَنْتَ … وَرُبَّمَا مَنَّ الفَتَى وهو المَغِيظُ المُحْنَقُ
أقول: قائلته هو قتيلة بنت الحرث ترثي به أخاها النضر بن الحرث بن كلدة أحد بني عبد الدار، وكان النبي ﵇ (٤) أمر عليًّا أن يضرب عنقه لما أقبل من بدر فضرب عنقه بالصفراء، وهو من قصيدة قافية من الكامل، وأولها هو قوله (٥):
١ - يَا رَاكِبًا إنَّ الأثيلَ مَظِنَّةٌ … مِن صبحِ خامسَة وأنتَ مُوَفَّقُ
٢ - بلِّغ بهِ ميِّتًا فإنَّ تَحِيَّةً … ما إنْ تَزَالُ بها الرَّكَائِبُ تخْفُقُ
٣ - مني إليك وَعَبرَةً مسفوحةً … جَادَتْ لِمانِحِهَا وأُخرَى تَخْفِقُ
٤ - هَلْ يَسْمَعَنِّي النَّضْرُ إن ناديتُهُ … إنْ كَانَ يَسْمَعُ ميِّتٌ أو يَنْطِقُ
٥ - ظلتْ سيُوفُ بَنِي أَبِيهِ تَنُوشُهُ … لِلَّهِ أرْحَامٌ هناكَ تُشَقَّقُ
٦ - أمُحَمَّدٌ ولأنتَ نَجْلُ نجيبةٍ … في قَومِهَا والفَحْلُ فَحْلٌ معرقُ
(١) هو شاهد على مجيء "لو" بمعنى إن. ينظر شرح الأشموني (٤/ ٣٧).
(٢) أوضح المسالك (٤/ ٢٠٥).
(٣) البيت من بحر الكامل، من قصيدة لقتيلة بنت الحارث ترثي أخاها النضر، أو لليلى بنت النضر ترثي أباها، وانظر الشاهد في المغني (٢٦٥)، والجنى الداني (٢٨٨)، والخزانة (١١/ ٢٣٩)، والدرر (١/ ٢٥٠)، والتصريح (٢/ ٢٥٤)، وشرح شواهد المغني (٦٤٨)، والهمع (١/ ٨١)، وشرح شواهد الشافية (٢٥١).
(٤) في (أ): " ﷺ ".
(٥) انظر الأبيات في كثير من كتب الأدب والسيرة، ومنها الحماسة للبحتري (٢٧٦)، والبيان والتبيين للجاحظ (٤/ ٤٤)، والأغاني (١/ ٢٠)، وخزانة الأدب (١١/ ٢٣٩)، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي (٩٦٦)، وشرح شواهد المغني (٦٤٨، ٦٤٩).