وقال ابن هشام اللخمي في شرح أبيات الجمل: والصحيح أنه لأبي الأسود واسمه: ظالم بن عمرو بن جندل بن سفيان بن عبد مناة بن كنانة من قصيدته التي أولها (١):
١ - تَلْقَى اللبِيبَ مِحُسَّدًا لَمْ يَجْتَرِمْ … شَتمَ الرِّجَالِ وعِرضُهُ مَشتُومُ
٢ - حَسَدُوا الفَتَى إذْ لَمْ يَنَالُوا سَعيَهُ … فَالنَّاسُ أعداءٌ لَهُ وخصُومُ
٣ - كضَرائِرِ الحَسْنَاءِ قِلْنَ لِزَوجِهَا … حَسَدًا وبَغْيًا إنهُ لَدَمِيمُ
ثم مشى في القصيدة فقال:
٤ - وإذا عَتَبْتَ عَلَى الصَّدِيقِ ولُمتَهُ … في مِثلِ ما تَأتِي فأنْتَ مُلِيمُ
٥ - وابْدَأْ بِنَفِسِكَ فانْهَهَا عَنْ غِيِّهَا … فَإِذَا انتهَتْ عَنْه فَأَنْتَ حَكِيمُ
٦ - لا تنهَ عن خُلُقٍ ........... … .................. إلخ
٧ - لا تُكْلِمَنْ عِرْضَ ابنِ عَمِّكَ ظَالِمًا … فإذَا فَعَلْتَ فعِرْضُكَ المكْلُومُ
٨ - وإذَا طلَبتَ إلَى كَرِيمٍ حَاجةً … فلقَاؤُهُ يُغنِيكَ والتَّسلِيمُ
٩ - فإذَا رَآكَ مُسَلِّمًا ذَكرَ الذِي … كَلَّمتهُ فَكَأَنَّهُ مَلزُومُ
١٠ - ورَأى عَواقِبَ حَمدَ ذاكَ وذَمَّهُ … للمَرءِ يَبْقَى والعِظَامُ رَمِيمُ
١١ - وإذا طلبتَ إلَى لئِيمٍ حَاجَةً … فألحّ فيِ رِفقٍ وأنْتَ مُدِيمُ
١٢ - والزَمْ قُبالةَ بَيتِهِ وفِنَائِهِ … بأشَدّ مَا لَزمَ الغَرِيمَ غَريمُ
١٣ - وعجِبتُ للدّنيَا وحُرقَة أهْلِهَا … والرِّزقُ فيمَا بينَهمْ مَقْسُومُ
١٤ - ثمَّ انقَضَى عَجَبِي لعِلْمِي أنَّهُ … رزْقٌ مُوافٍ وقْتُهُ معْلُومُ
ثم قال ابن هشام اللخمي: فإن صح ما ذكر عن المتوكل فإنه أخذ البيت من شعر أبي الأسود، والشعراء كثيرًا ما تفعل ذلك، ومعنى البيت المذكور يقول للمخاطب: أن من العار العظيم أن تنهى عن شيء تصنع مثله، ونحو من هذا قوله تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ٤٤]، وقال الحاتمي: وهو أشرد بيت قيل في تجنب إتيان ما نهي عنه.
الإعراب:
قوله: "لا تنهَ": جملة من الفعل والفاعل دخلت عليها لا الناهية، وقوله: "عن خلق":
(١) انظر القصيدة كاملة في ديوان أبي الأسود الدؤلي (٢٣١ - ٢٣٦)، تحقيق: عبد الكريم الدجيلي (بغداد)، ولم يأت منها إلا بالقليل، والأغاني (١٢/ ١٥٩).