بالسماع عند البخاريّ في "المغازي" في الباب الذي يلي "شهود الملائكة بدرًا" من "صحيحه" ٥/ ١٠٧، فقال: نا مسلم، قال: نا شعبة، عن عديّ، عن عبد الله بن يزيد، سمع أبا مسعود البدريّ -رضي الله عنه-، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال:"نفقة الرجل على أهله صدقة". فقد ثبت تصريح عبد الله بن يزيد بسماعه من أبي مسعود رضي الله تعالى عنهما، خلاف ما ادّعاه مسلم هنا. والله تعالى أعلم.
وقوله:(وَعَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: هكذا هو في الأصول: "وعن" بالواو، والوجه حذفها، فإنها تُغيّر المعنى. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: وجه ما قاله النوويّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى أنه يلزم على إثبات الواو أن عبد الله بن يزيد روى حديثًا عن حذيفة وأبي مسعود جميعًا، وعن كلّ واحد منهما بانفراده، ولكن الواقع ليس كذلك؛ لأن روايته إنما هو عن كلّ واحد منهما بانفراده، كما سبق آنفًا.
لكن عندي في هذا نظر؛ إذ لا مانع أن يكون روى عنهما جميعًا، وإن لم نعرف عين ما رواه كذلك؛ لأن مسلمًا إمام مطّلع، لا يدافَع، فيحتمل أنه اطّلع على روايته عنهما جميعًا، فليُتأمّل. والله تعالى أعلم.
وقوله:(حَدِيثًا) مفعول "روى". وجملة (يُسْنِدُهُ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-) في محل نصب صفة "حديثًا"(وَلَيْسَ فِي رِوَايَتِهِ) أي رواية عبد الله بن يزيد -رضي الله عنه- (عَنْهُمَا) أي عن حُذيفة، وأبي مسعود رضي الله تعالى عنهما (ذِكْرُ السَّمَاعِ مِنْهُمَا) برفع "ذكر" على أنه اسم "ليس"(وَلَا حَفِظْنَا) بكسر الفاء، من باب علم (فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ يَزِيدَ) -رضي الله عنه- (شَافَهَ) أي كلّم بلا واسطة، يقال: شافهه: إذا أدنى شفته من شفته، فكلّمه. قاله في "اللسان"(حُذَيْفَةَ وَأَبَا مَسْعُودٍ بِحَدِيثٍ قَطُّ، وَلَا وَجَدْنَا ذِكْرَ رُؤْيَتِهِ إِيَّاهُمَا فِي رِوَايَةٍ بِعَيْنِهَا) هذا بالنسبة لحذيفة -رضي الله عنه- صحيح، وأما بالنسبة لأبي مسعود -رضي الله عنه- فغير صحيح؛ لأنه ثبت في "صحيح البخاري" تصريحه بسماعه منه، كما سبق آنفًا. فتنبّه. والله تعالى أعلم.
(وَلَمْ نَسْمَعْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ مَضَى) أي قبل زمن مسلم (وَلَا مِمَّنْ أَدْرَكْنَا) أي ممن عاصرهم (أَنَّهُ طَعَنَ فِي هَذيْنِ الْخَبَرَيْنِ اللَّذَيْنِ رَوَاهُمَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ عَنْ حُذَيْفَةَ وَأَبِي مَسْعُودٍ) -رضي الله عنهم- (بِضَعْفٍ) متعلّق بـ "طعن"(فِيهِمَا) متعلّق بصفة لضعف (بَلْ هُمَا) مبتدأ خبره قوله: "من صحاح الأسانيد"(وَمَا أَشْبَهَهُمَا عِنْدَ مَنْ لَاقَيْنَا) بفتح القاف، مفاعلة من اللقاء، يقال: لقيه من باب تعب لُقِيّا بضم، فكسر، ولُقًى الضم مع القصر، ولِقاءً بالكسر، مع المد والقصر: إذا استقبله، وصادفه. أفاده الفيّوميّ. والظرف