الرحمن بن أبي ليلى هذا لا يصلح حجةً لغرض المصنّف؛ لأنه إنما أورده في المتابعات، والمتابعات يُغتفر فيها ما لا يُغتفر في الأصول. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
قال رَحِمَهُ اللهُ تعالى:
(وَأَسْنَدَ رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- حَدِيثَيْنِ، وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- حَدِيثًا، وَقَدْ سَمِعَ رِبْعِيٌّ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَرَوَى عَنْهُ).
إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:
ذكر رَحِمَهُ اللهُ تعالى أيضًا مثالًا آخر لما ادّعاه من إلزام خصمه، وذلك أن رِبْعيّ بن حِرَاش، وهو من كبار التابعين، قد سمع من عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- روى عن عمران ابن حصين رضي الله عنهما حديثين، وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث -رضي الله عنه- حديثًا، وكلها بالعنعنة، دون ذكر السماع، وهي أحاديث صحيحة عند أهل العلم، وهي ضعيفة عند هذا المنتحل؛ لما سبق. هذا خلاصة ما أشار إليه، وسيأتي الجواب عنه في الشرح التفصيليّ، وفي كلام ابن رُشيد أيضًا -إن شاء الله تعالى-.
إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:
قال:(وَأَسْنَدَ رِبْعِيُّ) بكسر الراء، وسكون الموحدة (ابْنُ حِرَاشٍ) -بكسر الحاء المهملة، وتخفيف الراء، آخره شين معجمة- أبو مريم الْعَبسيّ الكوفيّ الثقة العابد المخضرم المتوفّى سنة (١٠٠) وقيل: غير ذلك، تقدّمت ترجمته في ١/ ٣.
(عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ) بن عبيد بن خَلَف بن عَبْدِ نَهْم بن حُذيفة بن جَهْمة بن غاضرة بن حُبَشية بن كعب بن عمرو الخزاعي، هكذا نسبه ابن الكلبي ومن تبعه، وعند أبي عمر: عبد نهم بن سالم بن غاضرة، ويكنى أبا نجيد -بنون وجيم مصغرا- روى عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عدة أحاديث، وكان إسلامه عام خيبر، وغزا عدة غزوات، وكان صاحب راية خزاعة يوم الفتح. قاله ابن البرقي. وقال الطبراني: أسلم قديما، هو وأبوه وأخته، وكان ينزل ببلاد قومه، ثم تحول إلى البصرة إلى أن مات بها. روى عنه ابنه نُجيد، وأبو الأسود الدؤلي، وأبو رجاء العطاردي، وربعي بن حراش، ومطرف، وأبو العلاء ابنا عبد الله بن الشّخِّير، وزَهْدَم الجرمي، وصفوان بن مُحرِز، وزُرارة بن أوفى، وآخرون. وأخرج الطبراني بسند صحيح عن سعيد بن أبي هلال، عن أبي الأسود الدؤلي، قال: قَدِمت البصرة، وبها عمران بن حصين، وكان عمر بعثه ليفقه أهلها. وقال خليفة: استَقْضَى عبد الله بن عامر عمران بن حصين على البصرة، فأقام أياما، ثم استعفاه. وقال ابن سعد: استقضاه زياد، ثم استعفاه فأعفاه. وأخرج الطبراني، وابن منده بسند صحيح عن ابن سيرين قال: لم يكن تقدم على عمران أحدٌ من الصحابة ممن