أحمد: ثقة كان يقظان في الحديث، عارفا به، ثم قام في أمر الامتحان ما لم يقم غيره، عافاه الله، وأثنى عليه.
وقال حنبل بن إسحاق: سمعت أبا عبد الله يقول: شيخان كان الناس يتكلمون فيهما، ويذكرونهما، وكنا نلقى من الناس في أمرهما ما الله به عليم، قاما لله بأمر لم يقم به أحد، أو كبير أحد مثل ما قاما به: عفان، وأبو نعيم. -يعني بالكلام فيهما؛ لأنهما كانا يأخذان الأجرة من التحديث، وبقيامهما عدم الإجابة في المحنة. وقال محمد بن إسحاق الثقفي: سمعت الْكُديمي يقول: لما أدخل أبو نعيم على الوالي ليمتحنه، وثَمَّ أحمد بن يونس، وأبو غسان، وغيرهما، فأول من امتحن فلان فأجاب، ثم عطف على أبي نعيم، فقال: قد أجاب هذا ما تقول؟ فقال: والله ما زلت أتَّهِم جده بالزندقة، ولقد أدركت الكوفة وبها سبعمائة شيخ كلهم يقولون: إن القرآن كلام الله، وعنقي أهون عليّ من زِرّي هذا، قال: فقام إليه أحمد بن يونس فقبل رأسه، وكان بينهما شحناء، وقال: جزاك الله من شيخ خيرا. وروى بعضها البخاري عن الكديمي، عن أبي بكر بن أبي شيبة بالمعنى، وفيها: ثم أخذ زره فقطعه، ثم قال: رأسي أهون عليّ من زري هذا. وقال أحمد بن مُلاعب: سمعت أبا نعيم يقول: ولدت سنة ثلاثين ومائة في آخرها. وقال إبراهيم الحربي: كان بين وكيع وأبي نعيم سنة، وفات أبا نعيم في تلك السنة الْخَلْق. وقال يعقوب بن سفيان: مات أبو نعيم سنة ثماني عشرة ومائتين، وكان مولده سنة ثلاثين. وقال حنبل بن إسحاق وغير واحد: مات سنة تسع عشرة ومائتين. وقال بعضهم: في سلخ شعبان، وبعضهم في رمضان. وقال علي بن خشرم: سمعت أبا نعيم يقول: يلومونني على الأَجر وفي بيتي ثلاثة عشر، وما في بيتي رغيف. وقال ابن سعد في "الطبقات": أنا عبدوس بن كامل، قال: كنا عند أبي نعيم في ربيع الأول سنة سبع عشرة، فذكر رؤيا رآها، فأولها أنه يعيش بعد ذلك يومين ونصفا، أو شهرين ونصفا، أو عامين ونصفا، قال: فعاش بعد الرؤيا ثلاثين شهرًا، ومات لانسلاخ شعبان في سنة تسع عشرة.
وقال في "التقريب": ثقة ثبتٌ، من التاسعة. انتهى.
أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم"(١٤) حديثًا. والله تعالى أعلم.
[شرح الأثر]
عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارميّ رحمه الله تعالى، أنه (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ) الفضل بن دُكين. وقوله:(وَذَكَرَ الْمُعَلَّى بْنَ عُرْفَانَ) جملة في محلّ نصب على الحال من "أبا نعيم": أي والحال أنه ذكر في كلامه المعلّى -بضم الميم، وفتح العين المهملة،