للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدرداء، وحذيفة، وأبي هريرة، ولم يسمع منهم، وإنما أرسل عنهم، ولم يقل في حديث عنهم: حدّثنا.

ومنهم: الدارقطنيّ، قال: لا يثبت سماع سعيد من أبي الدرداء؛ لأنهما لم يلتقيا. وقال أيضًا: محمد بن جبير (١) لا يثبت سماعه من عثمان، فيكون حديثه هذا مرسلًا. وقال أيضًا: هذه كلها مراسيل، ابن بريدة (٢) لم يسمع من عائشة -رضي الله عنها-. انتهى.

وهذا نصّ في كون الدارقطنيّ يشترط للاتصال ثبوت السماع، وإن أمكن اللقاء، فإن عبد الله بن بريدة وُلد سنة (١٥) فقد أدرك من حياة عائشة -رضي الله عنها- أكثر من أربعين عامًا، وهو ليس ممن يدلّس.

وقال أيضًا: قبيصة (٣) لم يسمع من عمرو بن العاص. هذا مع أنه ممن وُلد في حياة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ولم يوصف بالتدليس، ومات عمرو بعد الأربعين، وقيل: بعد الخمسين.

ومنهم: البيهقيّ، فقد قال: عليّ بن رباح لم يثبت سماعه من ابن مسعود. هذا، مع أنه وُلد سنة (١٥) وكان موت ابن مسعود -رضي الله عنه- سنة (٣٢).

وقال أيضًا في حديث رواه ابن بريدة عن عائشة -رضي الله عنها-: هذا مرسل، ابن بُريدة لم يسمع من عائشة -رضي الله عنها-. انتهى. وقد سبق الكلام في هذا.

وقال أيضًا: لن يثبت سماع عبد الله بن شدّاد من أسماء، وقد قيل فيه عن أسماء مرسل.

هذا مع أن عبد الله ممن قيل: ولد في عهده -صلى الله عليه وسلم-، وأسماء بنت عميس خالته، وقد ماتت بعد عليّ -رضي الله عنه-، فاحتمال سماعه منها قويّ جدًّا.

وقال أيضًا في حديث: هو منقطع بين عمرو بن دينار وأبي هريرة.

هذا مع أن عمرًا وُلد سنة (٤٦) فسماعه من أبي هريرة -رضي الله عنه- ممكن (٤).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذه النصوص من هؤلاء الأئمة رحمهم الله جليّةٌ واضحة الدلالة على أنهم يبحثون للحكم باتصال عنعنة المعاصر عن ثبوت السماع.

والحاصل أنهم قد ثبت عنهم التفتيش عن محل السماع مطلقًا، سواء كان الراوي


(١) لم يوصف بالتدليس.
(٢) لم يوصف بالتدليس.
(٣) لم يوصف بالتدليس.
(٤) انظر ما كتبه الأخ الفاضل الشيخ خالد بن منصور بن عبد الله الدريس في كتابه "موقف البخاريّ ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين" ص ٢٦٧ - ٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>