للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما "مرسلًا" فيحتمل أن يكون بكسر السين، حالًا من فاعل "يرويها"، ويحتمل أن يكون بفتح السين، حالًا من المفعول، إنما ذكّره مع كون الضمير مؤنثًا لعوده إلى الرواية، لتأويلها بالخبر، أو نحوه. ويحتمل أن يكون "مرسلًا" بالفتح مصدرًا ميميّا مفعولًا مطلقًا ليروي، على حذف مضاف: أي رواية إرسال، وهو واضح. والله تعالى أعلم.

وعطف قوله: (وَلَا يُسْنِدَهَا إِلَى مَنْ سَمِعَهَا مِنْهُ) من عطف المؤكّد على المؤكَّد؛ لأنه بمعنى قوله: "أن يرويها مرسلا".

(وَكَمَا يُمْكِنُ ذَلِكَ) أي الإرسال المذكور (فِي هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ) عروة (فَهُوَ أَيْضًا مُمْكِنٌ فِي أَبِيهِ) عروة (عَنْ عَائِشَةَ) -رضي الله عنها- (وَكَذَلِكَ) أي مثل ما سبق من احتمال الإرسال (كُلُّ إِسْنَادٍ لِحَدِيثٍ لَيْسَ فِيهِ) أي في ذلك الإسناد (ذِكْرُ سَمَاعِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ) برفع "ذكرُ" على أنه اسم "ليس" مؤخّرًا، وخبرها الجارّ والمجرور قبله، وإضافة "ذكر" إلى سماع من إضافة المصدر إلى مفعوله، وإضافة "سماع" إلى "بعضهم" من إضافة المصدر إلى فاعله.

(وَإِنْ كَانَ قَدْ عُرِفَ) بالبناء للمفعول (فِي الْجُمْلَةِ) أي في بعض الروايات (أَنَّ) بفتح الهمزة؛ لوقوعها في محل نائب الفاعل (كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَدْ سَمِعَ مِنْ صَاحِبِهِ سَمَاعًا كَثِيرًا، فَجَائِزٌ) أي ممكنٌ، ومحتملٌ (لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَنْزِلَ) بالبناء للفاعل (فِي بَعْضِ الرِّوَايَةِ، فَيَسْمَعَ مِنْ غَيْرِهِ) أي من غير صاحبه (عَنْهُ) أي عن صاحبه (بَعْضَ أَحَادِيثِهِ) بنصب "بعض" على المفعوليّة ليسمع (ثُمَّ يُرْسِلَهُ عَنْهُ أَحْيَانًا) أي يرويه عن صاحبه منقطعًا؛ لعدم نشاطه (وَلَا يُسَمِّيَ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ) أي الواسطة التي بينه وبين صاحبه (وَيَنْشَطَ) بفتح أوله، وثالثه، يقال: نَشِطَ في عمله يَنْشَطُ، من باب تعب: خفَّ، وأسرع. قاله في "المصباح". وقال في "القاموس": نَشِط كسمع نَشَاطًا بالفتح، فهو ناشطٌ، ونَشِيطٌ: طابت نفسه للعمل وغيره. انتهى. وقوله: (أَحْيَانًا) جمع "حين" ظرف لينشط (فَيُسَمِّيَ الرَّجُلَ الَّذِي حَمَلَ عَنْهُ الْحَدِيثَ، وَيَتْرُكَ الْإِرْسَالَ) أي روايته بالانقطاع. (وَمَا) موصول مبتدأ خبره "موجود": أي والذي (قُلْنَا مِنْ هَذَا) الذي ذكرناه من أن من سمع من شخص سماعًا كثيرًا يجوز أن يروي عنه بواسطة، فيذكرها أحيانًا لنشاطه، ويتركها أحيانًا لعدم نشاطه (مَوْجُودٌ فِي الْحَدِيثِ، مُسْتَفِيضٌ) أي كثير مشتهر (مِنْ فِعْلِ ثِقَاتِ الْمُحَدِّثِينَ، وَأئِمَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ) من عطف المؤكد على المؤكّد، ويحتمل أن يكون من عطف العام على الخاصّ؛ لأن أئمة أهل العلم يشمل ثقات المحدثين وغيرهم (وَسَنَذْكُرُ مِنْ رِوَايَاتِهِمْ عَلَى الْجِهَةِ) أي الطريقة (الَّتِي ذَكَرْنَا) آنفًا، وهي الرواية بذكر الواسطة عند النشاط، وعدمه عند عدمه (عَدَدًا) مفعول به لسنذكر: أي روايات متعدّدةً،

<<  <  ج: ص:  >  >>