للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في "التقريب": ثقة فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين على الصحيح، ومولده في أوائل خلافة عثمان -رضي الله عنه-. انتهى.

(عَنْ عَائِشَةَ) أم المؤمنين -رضي الله عنها-، تقدّمت ترجمتها في أوائل هذا الشرح (فَبِيَقِينٍ) الظاهر أن الباء زائدة، و"يقين" نعت لمصدر محذوف: أي علمًا يقينًا؛ وإنما قلت بزيادتها؛ لأن اليقين بمعنى الثابت، والواضح، قال في "المصباح": يَقِنَ الأمر يَيْقَن يَقَنًا، من باب تَعِبَ: إذا ثبت، ووضح، فهو يقينٌ، فعيلٌ بمعنى فاعل، ويُستعمل متعديا أيضًا بنفسه، وبالباء، فيقال: يَقِنتهُ، ويَقِنتُ به، وأيقنت به، وتيقّنته، واستيقنته: أي علمته. انتهى (١).

ويحتمل أن تكون الباء أصليّة سببية، و"يقين" نعت لمحذوف: أي بدليل يقين، أي ثابت وواضح، والجار والمجرور متعلّق بقوله: (نَعْلَمُ) أي نعلم علمًا يقينًا: أي ثابتًا واضحًا، أو نعلم بسبب وجود دليلٍ يقينٍ: أي ثابت واضح (أَنَّ هِشَامًا قَدْ سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ) عروة (وَأَنَّ أَبَاهُ قَدْ سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ) -رضي الله عنها- (كَمَا نَعْلَمُ أَنَّ عَائِشَةَ) -رضي الله عنها- (قَدْ سَمِعَتْ مِنَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَقَدْ يَجُوزُ) أي يمكن، ويحتمل (إِذَا لم يَقُلْ هِشَامٌ فِي رِوَايَةٍ يَرْوِيهَا عَنْ أَبِيهِ: سَمِعْتُ) مقول "يقل" (أَوْ أَخْبَرَنِي) عطف على المقول (أَنْ) بالفتح مصدريّة، والمصدر المؤول فاعل "يجوز" (يَكُونَ بَيْنَهُ) أي بين هشام (وَبَيْنَ أَبِيهِ) عروة (فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ إِنْسَانٌ آخَرُ) برفع "إنسان" على أنه اسم "يكون" (أَخْبَرَهُ بِهَا) أي بتلك الرواية (عَنْ أَبِيهِ) متعلق بحال مقدّر: أي حال كون ذلك الإنسان راويا عن أبيه عروة (وَلَمْ يَسْمَعْهَا هُوَ) أي لم يسمع تلك الرواية هشام (مِنْ أَبِيهِ) عروة (لَمَّا أَحَبَّ أَنْ يَرْوِيَهَا مُرْسَلًا) قال النوويّ رحمه الله تعالى: ضبطناه "لَمّا" بفتح اللام، وتشديد الميم، و"مُرسَلًا" بفتح السين، ويجوز تخفيف "لِمَا" وكسر سين "مرسلًا". انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الظاهر أن قوله: "لما أحب الخ" متعلّقٌ بمحذوف دلّ عليه ما قبله، تقديره: فترك ذكر ذلك الإنسان لما أحبّ الخ، و"لَمّا" بفتح اللام، وتشديد الميم حينيّة ظرف لترك المقدّر، أي ترك ذكر ذلك الإنسان حين أحبّ أن يروي تلك الرواية مرسلًا، أو بكسر اللام، وهي جارّة للتعليل، متعلقة بترك أيضًا، و"ما" مخفّفة الميم، مصدريّة، والتقدير: فترك ذكره لحبه روايتها مرسلا.


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦٨١.
(٢) "شرح صحيح مسلم" ١/ ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>