روايته لهم، قال الله تعالى:{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ}[الأنبياء: ١٨]. قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: وقد يكون "يقذفون" بمعنى يقولون: ما لا يعلمون، كما قال تعالى:{وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}[سبأ: ٥٣].
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا المعنى الذي ذكره عياض غير صحيح هنا؛ إذ يبطله قول المصنّف:"بعد معرفتهم، وإقرارهم بألستنهم الخ"، فتبصّر. والله تعالى أعلم.
(إِلَى الْأَغْبِيَاءِ مِنَ النَّاسِ) بفتح الهمزة، وسكون الغين المعجمة، وكسر الموحّدة: جمع غبيّ، كنبيّ وأنبياء، والمراد به الْغَفَلَةُ، والْجَهَلَةُ الذين لا فِطْنة لهم.
قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: واختلفت روايات شيوخنا في هذا الحرف، وصوابه "الأغبياء" -بالغين المعجمة، والباء الموحدة، وهي روايتنا من طريق السمرقنديّ، ومعناه: الْجَهَلَة الأَغْفَال، ويدلّ عليه قوله آخر الفصل:"وقذفهم بها إلى العوامّ". انتهى "إكمال المعلم" ١/ ١٠٦.
وقوله:(هُوَ مُسْتَنْكَرٌ) خبر "أنّ"، و "هو" ضمير فصل يُؤتَى به للفصل بين الصفة والخبر، و "المستنكَر" اسم مفعول، من الإستنكار، وقد تقدّم البحث عن معنى المنكر، وما يتعلّق به، فلا تنس.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حاصل ما ذمّ به المصنّف رحمه الله تعالى هؤلاء المنتصبين للتحديث تحديثهم للناس بالروايات الضعيفة، والمنكرة، وتركهمِ الإقتصار على الأحاديث الصحيحة، ثم إنه لو كان هذا لجهلهم بذلك، لكان الذمّ بسيطًا، ولكنهم إنما أقدموا على ذلك بعد أن عرفوه، وأقروا بألسنتهم، وكتبوه في مؤلفاتهم، فيكون الذم مركبًا ولقد أجاد من قال، وأحسن في المقال [من الطويل]:
(وَمَنْقُولٌ) بالرفع عطف على "مستنكر"، وهو من عطف السبب على المسبب؛ إذ كونه مستنكرًا إنما هو من أجل كونه منقولًا (عَنْ قَوْمٍ غَيْرِ مَرْضِيِّينَ) بجرّ "غير" صفة لـ "قوم"(مِمَّنْ) متعلق بصفة محذوفة لـ "قوم"، أو بحال كذلك (ذَمَّ) من باب نصر: أي عاب (الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ أَئِمَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ) بنصب "الرواية" على المفعوليّة، و "رفع "أئمة" على الفاعلية. ثم ذكر أمثلة للأئمة الذين ذمّوا الرواية عن القوم غير المرضيين بقوله:
(مِثْلُ) بالرفع خبر لمحذوف: أي هم مثل (مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ) إمام دار الهجرة، هذا أول محل ذكره من الكتاب.