للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث: ما اتصل إسناده حتى يُسنَد إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، والمرسل، والمنقطع: ما لم يتَصل. والإسناد في الحديث: رفعُهُ إلى قائله انتهى.

وفي "التدريب": وأما الإسناد فهو رفع الحديث إلى قائله. قال الطيبيّ: وهما -أي السند، والإسناد- متقاربان في معنى اعتماد الحفّاظ في صحّة الحديث، وضعفه عليهما. وقال ابن جماعة: المحدّثون يستعملون السند، والإسناد لشيء واحد.

وأما الْمُسنَد -بفتح النون- فله اعتبارات:

أحدها: أنه الحديث المتّصل المرفوع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الأصحّ، وقيل: هو المرفوع مطلقًا. وقيل: هو المتّصل مطلقًا.

ثانيها: الكتاب الذي جُمع فيه ما أسنده الصحابة، أي رووه، فهو اسمُ مفعولٍ.

ثالثها: أن يطلق، ويراد به الإسنادُ، فيكون مصدرًا، كمسنَد الشهاب، ومسنَد الفردوس. أي أسانيد أحاديثهما انتهى من "التدريب" بتصرّف (١).

وأما المتن: فهو في اللغة: من كلّ شيء ما صَلُب ظهره، والجمع مُتُون، ومِتَانٌ. ومتنُ كلّ شيء: ما ظهر منه. ومتن الْمَزَادة: وجهها البارز. والمتن: ما ارتفع من الأرض، واستوى. وقيل: ما ارتفع، وصَلُبَ. قاله في "اللسان".

وأما في الاصطلاح: فهو ألفاظ الحديث التي تتقوّم بها المعاني. قاله الطيبيّ. وقال ابن جماعة: هو ما ينتهي إليه غاية السند من الكلام، من المماتنة، وهي المباعدة في الغاية؛ لأنه غاية السند، أو من متنت الكبش: إذا شققت جلدة بيضته، واستخرجتها، فكأن المسند استخرج المتن بسنده، أو من المتن، وهو ما صلُب، وارتفع من الأرض؛ لأن الْمُسْنِد يقوّيه بالسند، ويرفعه إلى قائله، أو من تمتينِ القوسِ، أي شَدِّها بالعَصَب؛ لأن الْمُسنِد يقوّي الحديث بسنده. قاله في "التدريب" (٢). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. المسألة الثامنة: في بحث مهمّ أيضًا يتعلّق بقوله: "وتداولها أهل العلم"، وقد أشرت سابقًا إلى أنّ مقصوده بذلك شهرة تلك الأسانيد بين أهل العلم، واحترز بذلك عن الأسانيد الغريبة؛ لأنها مذمومة، فقد ذكر الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى في "شرح علل الترمذيّ" ما نُقل عن السلف في ذلك، فقال:

وقد كان السلف يمدحون المشهور من الحديث، ويذمّون الغريب منه في الجملة،


(١) التدريب ج ١ ص ٢٣.
(٢) تدريب الراوي ج ١ ص ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>