للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يفسد من نفس الحديث؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أنه لم يُنسخْ، لقوله: "مَا قَصُرَتْ" ثم سأل فقال: "أَحَقٌّ مَا يَقُولُ هَذَا"؟ فقالوا: نعم. ثُم أَتَم هو ومن مَعَهُ، فلم تبطل صلاتُه ولا صلاتُهم، ولا فرقَ بين الثانية وغيرها؛ لأن كل ذلك مما تدعو إليه الضرورةُ لإصْلاح الصلاةِ. وفي كتاب مسلم أنه - صلى الله عليه وسلم - تَكَلمَ في الثالثة (١) وَأَتَم (٢).

فالإمام بعد إخبارهم على ثلاثة أوجهٍ: إما أنْ يذكر أنّه لم يُتم، أو يبقَى على يقينِه، أو يَشُكَّ.

فإنْ تذكّر أنّه صلّى ركعتين أتمّ ولم يكلِّمهم. واختُلِف إذا بقِي على يقينه: هل يتمّ بهِم أو ينصرف؟ فذكر ابنُ القصَّار عن مالك في ذلك قولين.

وقال محمد بن مسلمة: إن كثُر منْ خلْفهُ صدّقهُم وأتمّ بِهِم، وإن كان الاثنانِ والثلاثةُ لم يصدقهم وانْصرف وأتمُّوا هُم. وهذا أحسنها؛ لأنّ الغالب في العدد الكثير أن السهو مع الإمام.

وأما إذا شك الإمامُ عند قولهم، فالمعروفُ من المذهب أنه يَبْنِي على ما تَيَقنَ، ولا يسألهم.

وقال أَصْبَغُ في كتاب ابن حبيب: يسألهم، وليس ذلك عنده بمنزلة من شَك قبل السلام.

وأجاز محمد بن عبد الحكم أنْ يسألَهم وإنْ لم يكنْ سَلم، ورأى أن ذلك كله لإصلاح الصلاةِ، وخارجٌ عن الكلامِ المَنْهِيِّ عنه، فلا فرقَ بين أن يكون


(١) في (ر): (الثانية).
(٢) أخرجه مسلم: ١/ ٤٠٤، في باب السهو في الصلاة والسجود له، من كتاب الصلاة ومواضع الصلاة برقم (٥٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>