فتصدَّقْ ما، واستغفرْ لنا فقال: "لَمْ أُؤْمَرْ بِذَلِكَ" فأنزلَ اللهُ تعالى:
{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} (١) من ذنوبهِم.
{وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} أي: تنمِّي حسناتِهم، وترفَعُهم من منازلِ المنافقينَ إلى منازلِ المخلِصين.
{وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} أي: ادعُ لهم واستغفرْ.
{إِنَّ صَلَاتَكَ} قرأ حمزةُ، والكسائيُّ، وخلفٌ، وحفصٌ عن عاصمٍ: (إِنَّ صَلاَتَكَ) على التوحيد، وفتحِ التاءِ، والباقون: بالجمعِ وكسرِ التاء (٢) {سَكَنٌ لَهُمْ} طُمَأْنينةٌ {وَاللَّهُ سَمِيعٌ} لاعترافِهم {عَلِيمٌ} بندامَتِهم.
* * *
{أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤)}.
[١٠٤] فلما نزلتْ توبةُ هؤلاءِ، قال الذين لم يتوبوا من المتخلِّفين: هؤلاء كانوا معنا بالأمسِ لا يُكَلَّمون ولا يُجالَسون، فما لهم؟! فقال الله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} إذا صحَّتْ.
{وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} أي: يقبلُها {وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} وأنَّ من شأنِه قبولَ توبةِ التائبينَ، قالَ - صلى الله عليه وسلم -: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! مَا مِنْ عَبْدٍ يَتَصَدَّقُ
(١) انظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: ١٤٦)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٣٢١)، و"تخريج أحاديث الكشاف" للزيلعي (٢/ ٩٧).
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٣١٧)، و"التيسير" للداني (ص: ١١٩)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٣٢٢)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٨١)، و"معجم القراءات القرآنية" (٣/ ٣٩ - ٤٠).