للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآية مع نسخ حكمها يوهم المكلَّف بقاء الحكم، ويعرضه لاعتقاد الجهل، وهذا قبيح ينزه الله عنه، أو أن بقاء التلاوة دون الحكم عبث ينزَّه الحكيم عنه (١).

والصواب: أنه لا مانع من ذلك، ودليله الوقوع، فآية الاعتداد بحول - مثلًا - نسخت ما دلَّت عليه من إيجاب تربص الحول على المتوفى عنها، وبقيت أحكام أُخر من أحكامها لم تنسخ، وهي قراءتها في الصلاة، ومن المصحف، والتعبد بها. وعليه فلا مانع من ذلك (٢).

قال الزركشي: «وهنا سؤال، وهو أن يسأل: ما الحكمة في رفع الحكم وبقاء التلاوة؟.

والجواب من جهتين: أحدهما: أن القرآن كما يُتلى لُيعرف الحكم منه، والعمل به، فيتلى لكونه كلام الله تعالى، فيثاب عليه، فتركت التلاوة لهذه الحكمة. وثانيهما: أن النسخ غالبًا يكون للتخفيف، فأبقيت التلاوة تذكيرًا بالنعمة، ورفعَ المشقة» (٣).

الخامسة: تعليل الأحكام، ولك أن تقول هي هي مسألة تعليل أفعال الله، وهي مسألة الأصل؛ لأن القول بتعليل فعله يلزم منه القول بتعليل أمره وحكمه، إذ حكمه وأمره من فعله (٤).

ونبه شيخ الإسلام ابن تيمية إلى تناقض من يمنع تعليل أفعال الله، فقال: «والغالب عليهم عند الكلام في الفقه وغيره التعليل، وأما في الأصول: فمنهم من


(١) انظر: الإحكام للآمدي (٣/ ١٤٢ - ١٤٣).
(٢) مذكرة في أصول الفقه للأمين الشنقيطي (١٢٩).
(٣) البرهان في علوم القرآن (٢/ ٣٩).
(٤) انظر: أصول ابن مفلح (١/ ١٥١)، والتحبير (٢/ ٧٤٩).

<<  <   >  >>