للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السابعة عشرة: وصف العِلَّة وتعريفها بأنها المؤثر.

ذهب من قال بالتحسين والتقبيح إلى القول بأن العلة الشرعية مؤثرة في الحكم بذاتها (١)؛ لأن العقل إن كان يدرك الحسن والقبح يلزم أن يكون مدركًا للوصف المشتمل على المصلحة أو المفسدة الذي لأجله تثبت الأحكام أو تنفى، وإذا ثبت كون الوصف علة فإن العقل يقضي بترتيب الأثر عليه، فيكون مؤثرًا بنفسه (٢).

ومن قال بنفي التحسين والتقبيح العقليين فإنه لا يقول إن العقل يقضي بترتيب الأثر على الوصف، بل الوصف علامة تعرف الحكم ليس غير.

واشترط القائلون بالتحسين والتقبيح أن تعلَّل الأحكام بالمصلحة (٣)؛ لأنه «يقبح في العقل أن يأمر بما لا مصلحة فيه» (٤).

والعالم الحكيم لا يحسن منه أن يفعل أو يأمر أو يحكم إلا بحسن، كما يقبح منه أن يفعل أو يأمر أو يحكم بقبيح، ولو أمر بقبيح يعلم قبحه لكان ذلك مخالفًا لعلمه وحكمته (٥).

ومن لم يقل بالحسن والقبح قال له أن يفعل ما يشاء، ويحكم بما يريد، ولا يحمله شيء على شيء (٦).


(١) انظر: نهاية الوصول (٨/ ٣٢٥٥)، البحر المحيط (٥/ ١١٢)، تشنيف المسامع (٣/ ٢٠٦)، الغيث الهامع (٣/ ٦٧١)، التحبير (٧/ ٣١٧٨)، إرشاد الفحول (٣٥٢).
(٢) انظر: نبراس العقول (٢١٨).
(٣) انظر: شرح الأصول الخمسة (٣٠١)، المعتمد (١/ ٣٧١)، الأربعين في أصول الدين (١/ ٣٥٢، ٣٥٣)، شرح المعالم (٢/ ٢٩٨)، المواقف (٣٣١)، تعليل الأحكام لشلبي (٩٨).
(٤) العدة (٢/ ٤٢٢).
(٥) انظر: شرح الأصول الخمسة (٣٠١)، العدة (٢/ ٤٢٢)
(٦) انظر: تشنيف المسامع (٣/ ٢٠٨).

<<  <   >  >>