للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث السابع التصويب والتخطئة]

حكى الأصوليون الإجماع القديم على أن الحق واحد لا يتعدد، ثم أشاروا إلى خلاف حادث نسبوه إلى الجاحظ وعبيد الله بن الحسن العنبري. وهو أنهما قالا: إن كل مجتهد في الأصول مصيب!، وقد اختلفوا في تصوير ما نقل عنه (١).

ولا عبرة بخلافهما؛ لأنه خلاف حادث لا يلتفت إليه (٢).

وقد دلَّت نصوص كثيرة على أنه لا يكون القولان المتقابلان صوابًا مثل قول الله تعالى: ﴿وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ﴾ [البقرة: ٩١] وقال ﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾ [المائدة: ٧٧]


(١) فقيل في ذلك ثلاثة أقوال:
١. إن كل مجتهد في الأصول مصيب، وهذا يعني تصويب من اجتهد من النصارى واليهود والوثنيين الذين لم يهتدوا إلى الإسلام! وهذا أشنع ما نقل عنه.
٢. إن المجتهدين من أهل القبلة هم المصيبون دون من سواهم، وهذا أقل شناعة من الذي قبله.
٣. إن المخطيء في الأصول من أهل القبلة معذور، وهذا النقل يفيد أن الحق لا يتعدد في الأصول، لكن المخطيء المجتهد الذي بذل وسعه لا يأثم ويعذر في خطئه.
انظر: المستصفى (٢/ ٣٥٩)، والوصول إلى الأصول (٢/ ٣٣٧)، وميزان الأصول للسمرقندي (٧٥٥)، وروضة الناظر (٢/ ٤١٨)، والإبهاج (٣/ ٢٥٧)، و البحر المحيط للزركشي (٨/ ٢٧٦ - ٢٧٧)، وشرح العضد (٢/ ٢٩٣).
(٢) انظر: الإحكام للآمدي (٤/ ١٧٩ - ١٨٠)، ونهاية السول (٤/ ٥٥٨).

<<  <   >  >>