للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البَابِ قَبْلَهُ فِي نَقْضِ الصُّوَرِ" (١).

٥ - أَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مِن إِبَاحَةِ مَا كَانَ مُمْتَهَنًا؛ فَجَوَابُهُ مِن جِهَتِين:

أ- أنَّ العِبْرَةَ بِجُمْلَةِ مَا وَرَدَتْ بِهِ النُّصُوصُ النَّبَوِيَّةُ الصَّحِيحَةُ؛ وَفِيهَا النَّهْيُ عَنِ الصُّورَةِ حَتَّى لَو كَانَتْ نُمْرُقَةً يَتَوَسَّدُهَا المُسْلِمُ!

ب- أَنَّهُ مَدْفُوعٌ بِكَلَامِ غَيرِهِم مِنَ السَّلَفِ مِمَّن لَمْ يُبِيحُوَها حَتَّى لَو كَانَتْ مُمْتَهَنَةً، وَهَاكَ بَعْضُها:

عَن مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: (أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ التَّصَاوِيرَ؛ مَا نُصِبَ مِنْهَا وَمَا بُسِطَ) (٢).

وَعَنْ شُعْبَةَ: (أَنَّ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ دَخَلَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَعُودُهُ مِنْ وَجَعٍ، وَعَلَيهِ بُرْدٌ إِسْتَبْرَقٌ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ؛ مَا هَذَا الثَّوْبُ؟ قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: هَذَا الإِسْتَبْرَقُ! قَالَ: وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ بِهِ! وَمَا أَظُنُّ النَّبِيَّ نَهَى عَنْ هَذَا حِينَ نَهَى عَنْهُ إِلَّا لِلتَّجَبُّرِ وَالتَّكَبُّرِ، وَلَسْنَا بِحَمْدِ اللَّهِ كَذَلِكَ. قَالَ: فَمَا هَذِهِ التَّصَاوِيرُ فِي الكَانُونِ [المَوقِد]؟ قَالَ: أَلَا تَرَى قَدْ أَحْرَقْنَاهَا بِالنَّارِ؟! فَلَمَّا خَرَجَ المِسْوَرُ، قَالَ: انْزَعُوا هَذَا الثَّوْبَ عَنِّي، وَاقْطَعُوا رُؤوسَ هَذِهِ التَّمَاثِيلِ. قَالُوا: يَا أَبَا عَبَّاسٍ؛ لَوْ ذَهَبْتَ بِهَا إِلَى السُّوقِ كَانَ أَنْفَقَ لَهَا مَعَ الرَّأْسِ! قَالَ: لَا. فَأَمَرَ بِقَطْعِ رُءُوسِهَا) (٣).

وَعَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: كَانَ فِي مَجْلِسِ مُحَمَّدٍ وَسَائِدُ فِيهَا تَمَاثِيلُ عَصَافِيرَ؛ فَكَانَ أُنَاسٌ يَقُولُونَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: (إِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ أَكْثَرُوا؛ فَلَوْ حَوَّلْتُمُوهَا) (٤).


(١) فَتْحُ البَارِي (١٠/ ٣٩٠).
(٢) مُصَنَّفُ ابْنِ أَبِي شَيبَةَ (٢٥٢٩٨).
(٣) مُسْنَدُ أَحْمَد (٢٩٣٤)، وَحَسَّنَهُ الشَّيخُ أَحْمَدُ شَاكِر فِي تَحْقِيقِ المُسْنَدِ.
(٤) مُصَنَّفُ ابْنِ أَبِي شَيبَةَ (٢٥٢٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>