للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- المَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: مَا الجَوَابُ عَنِ الأَثَرِ الَّذِي نُقِلَ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَرَ بَأْسًا فِي تَقْبِيلِ القَبْرِ النَّبَوِيِّ وَالتَّمَسُّحِ بِهِ؟

الجَوَابُ:

بِدَايَةً؛ الأَثَرُ هَذَا بِلَفْظِهِ هُوَ -كَمَا جَاءَ فِي كِتَابِ (العِلَلُ وَمَعْرِفَةُ الرِّجَالِ) لِعَبْدِ اللهِ ابْنِ الإِمَامِ أَحْمِدَ- أَنَّهُ سَأَلَ أَبَاهُ: "سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَمَسُّ مِنْبَرَ النَّبِيَّ وَيَتَبَرَّكُ بِمَسِّهِ وَيُقَبِّلُهُ وَيفْعَلُ بِالقَبْرِ مِثْلَ ذَلِكَ أَو نَحْوَ هَذَا؛ يُرِيدُ بِذَلِكَ التَّقَرُّبَ إِلَى اللهِ جَلَّ وَعَزَّ؟ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ" (١).

وَأَمَّا جَوَابُهُ؛ فَهُوَ أَنَّهُ أَثَرٌ شَاذٌّ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَلَا تَصِحُّ نِسْبَتُهُ إِلَيهِ .

وَبَيَانُهُ مِنْ أَوْجُهٍ:

- الوَجْهِ الأَوَّلِ: إِنَّ هَذَا الأَثَرَ شَاذٌّ مَتْنًا مِن عِدَّةِ طُرُقٍ مَنْقُولَةٍ بِالأَسَانِيدِ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ ؛ مِنْهَا:

نَقَلَ أَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ -وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ أَصْحَابِ الإِمَامِ أَحْمَدَ- عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ؛ أَنَّهُ: "قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ: قَبْرُ النَّبِيِّ يُلْمَسُ وَيُتَمَسَّحُ بِهِ؟ قَالَ: مَا أَعْرِفُ هَذَا! قُلْتُ لَهُ: فَالمِنْبَرُ؟ قَالَ: أَمَّا المِنْبَرُ؛ فَنَعَمْ، قَدْ جَاءَ فِيهِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: شَيءٌ يَرْوُونَهُ عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى المِنْبَرِ. قَالَ: وَيَرْوُنَهُ عَنْ سَعِيدٍ بْنِ المُسَيّبِ فِي الرُّمَّانَةِ. قُلْتُ: وَيُرْوَى عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ -يَعْنِي: الأَنْصَارِيَّ؛ شَيخَ مَالِكٍ- وَغَيرِه؛ أَنَّهُ حَيثُ أَرَادَ الخُرُوجَ إِلَى العِرَاقِ جَاءَ إِلَى المِنْبَرِ فَمَسَحَهُ وَدَعَا، فَرَأَيتُهُ اسْتَحْسَنَ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ: لَعَلَّهُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَالشَّيءِ. قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ: إِنَّهُم


(١) العِلَلُ وَمَعْرِفَةُ الرِّجَالِ لِأَحْمَدَ -رِوَايَةُ ابْنِهِ عَبْدِ اللهِ- (٢/ ٤٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>