للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهٌ هَامٌّ فِي التَّفْرِيقُ بَينَ صُنْعِ الصُّورَةِ وَبَينَ اقْتِنَائِهَا

إِنَّ مَا سَبَقَ مِن الخِلَافِ إِنَّمَا هُوَ فِي اتِّخَاذِ الصُّوَرِ فِي البَيتِ، وَلَيسَ فِي حُكْمِ صِنَاعَتِهَا! فَلَا يُفْهَمُ مِن قَولِ بَعْضِ مَن جَوَّزَ الاقْتِنَاءَ فِي البَيتِ -بِحُجَّةِ الامْتِهَانِ أَوْ غَيرِهِ- أَنَّهُ يُجَوِّزُ الصُّنْعَ!

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ أَبِي شَيبَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيلٍ، عَنْ لَيثٍ، قَالَ: رَأَيتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ حَمْرَاءَ فِيهَا تَمَاثِيلُ فَقُلْتُ لَهُ؛ فَقَالَ: (إِنَّمَا يُكْرَهُ هَذَا لِمَنْ يَنْصِبُهُ، وَيَصْنَعُهُ) (١).

وَهَذَا ظَاهِرٌ أَنَّهُ حَمَلَ مَا جَاءَ فِي النَّهْي عَلَى غَيرِ المُمْتَهَنِ -عَلَى مَذْهَبِ مَن يَرَى ذلك-، وَأَيضًا حَمَلَهُ عَلَى الصَّانِعِ لِلصُّوَرِ؛ فَلَا يُقَالُ هُنَا: "كُلُّ مَا جَازَ اقْتِنَاؤُهُ جَازَ صُنْعُهُ"!!

قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ : "قَالَ أَصْحَابنَا وَغَيرُهُمْ مِنَ العُلَمَاءِ: تَصْوِيرُ صُورَةِ الحَيَوَانِ حَرَامٌ شَدِيدُ التَّحْرِيمِ، وَهُوَ مِنَ الكَبَائِرِ، لِأَنَّهُ مُتَوَعَّدٌ عَلَيهِ بِهَذَا الوَعِيدِ الشَّدِيدِ المَذْكُورِ فِي الأَحَادِيثِ، وَسَوَاءً صَنَعَهُ بِمَا يُمْتَهَنُ أَو بِغَيرِهِ؛ فَصَنْعَتُهُ حَرَامٌ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُضَاهَاةً لِخَلْقِ اللهِ تَعَالَى، وَسَوَاءً مَا كَانَ فِي ثَوبٍ أَو بِسَاطٍ أَو دِرْهَمٍ أَو دِينَارٍ أَو فَلْسٍ أَو إِنَاءٍ أَو حَائِطٍ أَو غَيرهَا.

وَأَمَّا تَصْوِيرُ صُورَةِ الشَّجَرِ وَرِحَالِ الإِبِلِ وَغَيرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيسَ فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ؛


(١) مُصَنَّفُ ابْنِ أَبِي شَيبَةَ (٢٥٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>