للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وَأَمَّا قَولُهُ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ : "وَهُوَ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ النُّمْرُقَةِ" فَهَذَا يُقْبَلُ لَو أَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ مَرْوِيَّهُ! وَالمُعْتَمَدُ عِنْدَ مُخَالَفَةِ الرَّاوِي لِمَرْوِيِّهِ إِنَّمَا هُوَ رِوَايَتُهُ، وَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ وَقْعِ النِّسْيَانِ، أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَتَفَطَّنْ لِوَجْهِ الدِّلَالَةِ فِي ذَلِكَ (١).

٣ - وَأَمَّا قَولُهُ: "وَأَنَّ الَّذِي رُخِّصَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ مَا يُمْتَهَنُ لَا مَا كَانَ مَنْصُوبًا" فَهُوَ مَرْدُودٌ بِصَرَاحَةِ حَدِيثِ البُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ؛ أُمِّ المُؤْمِنِينَ وفيه: (أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللهِ قَامَ عَلَى البَابِ فَلَمْ يَدْخُلْهُ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الكَرَاهِيَةَ؛ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَتُوبُ إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ؛ مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : (مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ؟) قُلْتُ: اشْتَرَيتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيهَا وَتَوَسَّدَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : (إِنَّ أَصْحَابِ هَذِهِ الصُّوَرِ يَومَ القِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ؛ فَيُقَالُ: لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ). وَقَالَ: (إِنَّ البيتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ المَلَائِكَةُ)) (٢)، فَهُوَ حَاسِمٌ لِمَادَّةِ النِّزَاعِ أَصْلًا فِي كَونِ الصُّورَةِ حَتَّى لَو كَانَتْ مُمْتَهَنَةً فَإِنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي النَّهْي.

وَسَبَقَ أَيضًا فِي حَدِيثِ أَحْمَدَ: أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ: (إِنَّ فِي البَيتِ سِتْرًا فِي الحَائِطِ فِيهِ تَمَاثِيلُ؛ فَاقْطَعُوا رُؤوسَهَا فَاجْعَلُوهَا بِسَاطًا أَو وَسَائِدَ فَاوطَئُوهُ) فَلَمْ يَكْتَفِ جِبْرِيلُ بِكَونِهَا وَسَائِدَ مَوْطُوءَةً مَنْبُوذَةً! حَتَّى أَضَافَ لِذَلِكَ قَطْعَ الرُّؤُوسِ، وَهَذَا كُلُّهُ عُمُومًا خَارِجٌ عَنْ كَونِ العِلَّةِ سَتْرَ الجُدُرِ! فَتَنَبَّهْ.

٤ - سَبَقَ النَّقْلُ عَنِ الحَافِظِ بِمَا يَشْهَدُ لِلْمَطْلُوبِ، وَهُوَ قَولُهُ: "وَيُحْتَمَلُ أَيضًا أَنْ يُجْمَعَ بَينَ الحَدِيثَينِ بِأَنَّهَا لَمَّا قَطَعَتِ السِّتْرَ وَقَعَ القَطْعُ فِي وَسْطِ الصُورَةِ مَثَلًا؛ فَخَرَجَتْ عَنْ هَيئَتِهَا؛ فَلِهَذَا صَارَ يَرْتَفِقُ بِهَا، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الجَمْعَ الحَدِيثُ الَّذِي فِي


(١) وَلْيُرَاجَعْ فِي هَذَا البَابِ إِجْمَالًا كَتَابَ شَيخِ الإِسْلَامِ "رَفْعُ المَلَامِ عَنِ الأَئِمَّةِ الأَعْلَامِ".
(٢) صَحِيحُ البُخَارِيِّ (٥٩٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>