للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَائِشَةَ) فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ البَابِ لَكِنْ قَالَ: (فَجَذَبَهُ حَتَّى هَتَكَهُ، وَقَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْنَا أَنْ نَكْسُوَ الحِجَارَةَ وَالطِّينَ))! قَالَ: فَقَطَعْنَا مِنْهُ وِسَادَتَينِ) الحَدِيثَ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَرِهَ سَتْرَ الجِدَارِ بِالثَّوْبِ المُصَوَّرِ؛ فَلَا يُسَاوِيهِ الثَّوْبُ المُمْتَهَنُ وَلَوْ كَانَتْ فِيهِ صُورَةٌ، وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ الَّذِي لَا يُسْتَرُ بِهِ الجِدَارُ! وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَحَدُ فُقَهَاءِ المَدِينَةِ، وَكَانَ مِنْ أَفْضَلِ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَهُوَ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ النُّمْرُقَةِ؛ فَلَوْلَا أَنَّهُ فَهِمَ الرُّخْصَةَ فِي مِثْلِ الحَجَلَةِ مَا اسْتَجَازَ اسْتِعْمَالَهَا! لَكِنَّ الجَمْعَ بَينَ الأَحَادِيثِ الوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَذْهَبٌ مَرْجُوحٌ؛ وَأَنَّ الَّذِي رُخِّصَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ مَا يُمْتَهَنُ لَا مَا كَانَ مَنْصُوبًا، وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ فِي التَّصَاوِيرِ فِي البُسُطِ وَالْوَسَائِدِ الَّتِي تُوطَأُ: ذُلٌّ لَهَا، وَمِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ مَا نُصِبَ مِنَ التَّمَاثِيلِ نَصْبًا وَلَا يَرَوْنَ بَأْسًا بِمَا وَطِئَتْهُ الأَقْدَامُ، وَمِن طَرِيقِ ابْنِ سِيرِينَ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ فرقهم (١) أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا بَأْس بِالصُّورَةِ إِذَا كَانَتْ تُوطَأُ، وَمِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ أَنَّهُ كَانَ يَتَّكِئُ عَلَى المَرَافِقِ فِيهَا التَّمَاثِيلُ الطَّيرُ وَالرِّجَالُ" (٢).

قُلْتُ: وَلَنَا عَلَى كَلَامِهِ تَعْلِيقَاتٌ:

١ - أَمَّا قَولُهُ : "فَفِي إِطْلَاقِ كَوْنِهِ مَذْهَبًا بَاطِلًا نَظَرٌ؛ إِذْ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَمَسَّكَ فِي ذَلِكَ بِعُمُومِ قَوْلِهِ: ((إِلَّا رَقْمًا فِي ثَوْبٍ)) فَإِنَّهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُعَلَّقًا أَوْ مَفْرُوشًا" لَا يُخْرِجُهُ عَن كَونِهِ مَذْهَبًا بَاطِلًا! لِأَنَّ كَلَامَ النَّوَوِيِّ إِنَّمَا كَانَ عَن مَن فَرَّقَ فِي حُكْمِ الصُّورَةِ بَينَ مَا لَهَا ظِلٌّ وَمَا لَيسَ لَهَا ظِلٌّ دَونَ ذِكْرِ سَتْرِ الجَدَارِ مِن عَدَمِهِ!


(١) لَمْ يَظْهَرْ لِي مَعْنَاهَا.
(٢) فَتْحُ البَارِي (١٠/ ٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>