انتسب إلى بيت المقدس لقرب جمّاعيل منها، ولأن نابلس وأعمالها جميعا من مضافات البيت المقدس، وبينهما مسيرة يوم واحد"٨٠ كم"، ونشأ بدمشق ورحل في طلب الحديث إلى أصبهان وغيرها، وكان حريصا كثير الطلب، ورد بغداد فسمع بها من ابن النقور وغيره في سنة (٥٦٠) ثم سافر إلى أصبهان وعاد إليها في سنة (٥٧٨) فحدث بها وانتقل إلى الشام، ثم إلى مصر فنفّق بها سوقه، وصار له بها حشد وأصحاب من الحنابلة، وكان قد جرى له بدمشق أن ادّعي عليه أنه يصرّح بالتجسيم وأخذت عليه خطوط الفقهاء، فخرج من دمشق إلى مصر لذلك، ولم يخل في مصر عن مناكد له في مثل ذلك تكدّرت عليه حياته بذلك، وصنف كتبا في علم الحديث حسانا مفيدة، منها كتاب الكمال في معرفة الرجال، يعني رجال الكتب الستة من أول راو إلى الصحابة، جوّده جدّا، ومات في سنة (٦٠٠) بمصر.
والشيخ الزاهد الفقيه موفّق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر الجماعيلي، المقدسي المقيم بدمشق، كان من الصالحين العلماء العاملين، لم يكن له في زمانه نظير في العلم على مذهب أحمد بن حنبل والزهد، صنف تصانيف جليلة، منها كتاب المغني في الفقه على مذهب أحمد بن حنبل والخلاف بين العلماء، وكتاب المقنع، وكتاب العهدة، وله في الحديث كتاب التوّابين، وكتاب الرقة، وكتاب صفة الفلق، وكتاب فضائل الصحابة، وكتاب القدر، وكتاب الوسواسن وكتاب المتحابّين، وله في علم النسب كتاب التبيين في نسب القرشيين وكتاب الاستبصار في نسب الأنصار، ومقدمة في الفرائض، ومختصر في غريب الحديث، وكتاب في أصول الفقه، وغير ذلك، .
من شيوخه: الشيخ أبو الفتح بن المني تفقه عليه ببغداد، وسمع أبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان بن البطي، وأبا المعالي أحمد بن عبد الغني بن حنيفة الباجسرائي، وأبا زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي، وغيرهم كثيرا، وتصدّر في جامع دمشق مدة طويلة يقرأ في العلم، وكان الحافظ أبو إسحاق