وهي غير الأموال والمصالح والمساعدات التي تقدمها الدول والمنظمات علنا عبر مؤسسات وجهات لخدمة مصالح إنسانية محضة، فهذه لا مانع منها، ولا تدخل في المنع.
بخلاف ما سبق من بذل أموال لقوى طائفية، أو قبلية، أو مناطقية، أو سياسية، أو دينية لتغذية النفوذ الخارجي، وإيجاد وكلاء في الداخل ينفذون بالوكالة سياسة الخارج التي تريدها في البلد.
فهذه محرمة في الشرع، وعقد باطل، وهي سحت ورشوة، وأجرة على الفساد، وهذا محرم.
ومن أكبر مفاسدها تدخل القوى الخارجية في وضع المناهج التعليمية على ما تريد من السياسة؛ لضمان عدم قيام جيل متنور يحمي سيادة البلاد واستقلالها.
ولا يطيعها ويمكنها من التدخل في وضع المناهج الدراسية التي تخدم سياساتها الباطلة إلا فاسق، أو جاهل لا يصلح أن يكون في هذا الموضع الذي من خلاله مكن من وسائل الفساد في المناهج التعليمية، فأثر في أنواع من المفاسد على جيل وأمة.
ولا يعذر بالجهل لأن عادة هذا المنصب هو الدراية بما يترتب عليه، فدعواه الجهل كذب فارغ غير مقبول أمام القضاء.
ومن أكبر مفاسد الارتهان للخارج: أن الوطن يصبح ميدانا بالوكالة لصراعات الدول والقوى، وتصفية حساباتها، وما يترتب على ذلك من الفساد في الأرض لا يخفى.
ونظرا لهذه المفاسد العظيمة والأضرار الفاحشة، فإن ارتهان الدولة لغيرها خارجيا أو داخليا من السياسات المحرمة شرعا، وممنوعة في كل القوانين والدساتير المنبثقة عن الشريعة.
ولذلك قال الله سبحانه عن الاستخلاف للأمة المؤمنة إنه استخلاف تمكين بالغ إلى حد الأمن والاستقرار ماليا، واقتصاديا، وسياسيا كما يدل عليه إطلاق (وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا)(النور: ٥٥)، أي أمنا واستقرارا في كل مجال سياسي أو اقتصادي أو عسكري أو غيره (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)(النور: ٥٥).