قلت: تقدّم أن رواية ابن إسحاق لم تثبت من جهة النقل، ورواية ابن عيينة وإن كان قد جوّدها ابن عبد البر لكن أشار ابن عبد الهادي إلى تضعيفها حيث قال: "مع الاضطراب ففيه من يُجهل حاله" يشير إلى سعد. نصب الراية (٤/ ١٣٥). لكن الحديث محفوظ لمحيّصة من غير طريق الزهري كما تقدم، وهو وإن كان في إسناده مقالًا من جهة جهالة بعض رواته لكن يشهد له حديث جابر أخرجه أحمد (٣/ ٣٠٧، ٣٨١) والطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ١٣٠) من طريق سفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر أن النبي ﷺ سئل عن كسب الحجام فقال: "اعلفه ناضحك" وهذا إسناد حسن، وأبو الزبير قد صرّح بالسماع عند أحمد. ويشهد له أيضًا ما رواه الطحاوي (٤/ ١٣١) من طريق عكرمة بن عمار عن طارق بن عبد الرحمن أن رافعة بن رافع -أو رافع بن رافعة الشك منهم في ذلك- قد جاء إلى مجلس الأنصاري فقال: "نهى رسول الله ﷺ عن كسب الحجام وأمرنا نطعمه ناضحنا". وهذا إسناد حسن أيضًا، فالحديث صحيح بمجموع طرقه. وانظر الكلام في رواية ابن إسحاق وزمعة عن الزهري في: تاريخ الدارمي (ص: ٤٤) (رقم: ١٥)، والعلل لأحمد (ص: ١٢٦ - رواية المروذي-)، وشرح العلل (٢/ ٤٧٤)، وسؤالات البرذعي (٢/ ٧٥٩)، والضعفاء للنسائي (ص: ١١٢)، والتقريب (رقم: ٢٠٣٥). (١) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في الحجامة وأجرة الحجام (٢/ ٧٤٢) (رقم: ٢٨). وتابعه ابن القاسم كما ذكر ابن الحذاء وابن عبد البر وحكما على روايتهما بعدم الصحة. رجال الموطأ (١٨ / أ)، والتمهيد (١١/ ٧٧).